الإعلام المصري الرسمي … إلى أين الطريق

الإعلام المصري الرسمي … إلى أين الطريق

 

دكتور

عبدالرحيم محمد

إستشاري التخطيط الإستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي

drabdo68@yahoo.com

 

على الرغم من الريادة التي تمتع بها الإعلام المصري الرسمي  في المنطقة العربية لسنوات طويلة ، إلا انها تراجعت مع ظهور الإعلام الفضائي وعصر السماوات المفتوحة، والقنوات الخاصة، هنا ظهرت حقيقة الإعلام المصري وعدم قدرته على المنافسة وذلك نظرا لغياب حرية الإعلام  وسيطرة الدولة سيطرة كاملة عليه، والبطالة المقنعة نتيجية وجود عدد كبير بدون عمل داخل منظومة الإعلام، وعدم قدرة اى من أفراد المنظومة الإعلامية  على الخروج عن الخطوط المرسومة من قبل نظام الحكم.

والسؤال كيف يمكن تطوير الإعلام المصري بما يتناسب مع الواقع الجديد؟

هذا السؤال الصعب يحتاج إلى جهود كبيرة حتي يمكن تحقيقه ونعرض هنا  قراءة لواقع الإعلام المصري وأكتب في هذه الجزئية لأني عملت 10 سنوات بالإعلام المصري المصري، تابعت من خلالها الكثير من مشكلات الإعلام وكنت اواجه بالنقد عندما اتحدث عنها فمن كثرة المشكلات والأخطاء والفساد في الإعلام المصري وتكراراها إعتاد عليها الناس حتى اعتبروها انها الشيء الصحيح  وتعاملوا معها وبها حتى أصبحت مواثيق لايمكن البعد عنها لأنها جزء من المهنية في الإعلام.

المشكة الأولى : هى العنصر البشري:

يتميز الإعلام المصري بوجود عدد كبير من الكفاءات والعناصر المفكرة التميزة  التي تستطيع ان تغير شكل الإعلام  ليس في مصر فقط ولكن في العالم كله، فجميع القنوات المشهورة الآن صنعها وقادها ويقودها مصريون خرجوا من الإعلام المصري، ويمكن تشخيص واقع الإعلام المصري  في المحاور التالية:

أولا: القيادات والعاملين :

  • الكثير من القيادات التي تترأس الكثير من المواقع داخل افذاعة والتلفزيون المصري تحتاج إلى تغيير لأنها قيادات ذات عقليات متحجرة ليس لديها الجديد الذي تقدمه، نظرا لبقائها الكثير في مواقعها ، فهى شخصيات إدارية تعمل فقط على تسيير المور في ضوء القواعد والنظم واللوائح ،وليست شخصيات قيادية مبدعة لديها الأفكار التي تحقق النهوض بالإعلام المصري.
  • عدد كبير من العناصر البشرية العاملة في الإعلام المصري وتظهر أمام الميكرفونات وعلى الشاشات  لاتصلح أن تكون في موقعها فهي لا تضيف شئيا وليس لديها جديدا وغير قادرة على التعامل مع الواقع الجديد لأن الماضي ترسخ في فكرها وكيانها وبالتالي تحتاج إلى سنوات حتى تتغير والوقت ليس مناسبا لذلك فالأفضل لهذه الوجه ان تعمل في مكان آخر بدلا من ان تظهر على الناس يوميا .
  • الكثيرون من الإعلاميين المصريين مهزومين داخليا حيث إعتادوا على عدم الجرءة وعدم القدرة على  الحرية في الأداء نتيجة أنهم إعتادوا سنوات طويلة على ذلك .
  • تتطلب النقاط السابقة تقييم العناصر البشرية الموجودة في الإذاعة والتلفزيون المصري وإختيار ذوي الكفاءات والخبرات وليس اهل الثقة الذي دمر الإعلام المصري الذي يجعل الولاء للأشخاص وليس للمكان ومصلحة العمل.

 

ثانيا: التدريب:

  • نظم التدريب المستخدمة في تدريب العاملين في الإعلام المصري، تبعد كثيرا عن حاجة الإعلام المصري وعن صقل المهارات لدى الإعلاميين بإستتثناء القليل منها، فمعظم البرامج التي تقدم ومن حضور العديد من البرامج في معهد الإذاعة والتليفزيون هى مجرد تنفيذ خطة تدريبية ،ولكن لا تراعي الإحتياجات التدريبية الفعلية التي يحتاجها الإعلامي المصري، هذه البرامج لاتراعي التطورات الموجودة في الإعلام  العالمي، ونسبة من الذين يقومون بتنفيذ هذه البرامج غير مؤهلين على الإطلاق.
  • البرامج التدريبية التي تنفيذ مع جهات خارجية سواء مصرية او اجنيبة وبالتعاون مع إتحاد الإذاعة والتليفزيون القليل منها هو المفيد والكثير لايقدم جديدا للإعلام.
  • يتطلب الأمر دراسة تفصيلية للبرامج التدريبية التي يقدمها معهد الإذاعة والتليفزيون والمحتوى التدريبي واساليب  وطرق التدريب المستخدمة ونوعية المدربين.

 

المشكلة الثانية: المحتوى الإعلامي:

  • هناك الكثير من البرامج الإذاعية والتليفزيونية لها نفس الفكرة  ، ومعظمها أفكار قديمة ومتهالكة وهناك بعض البرامج وخاصة في الإذاعات موجودة منذ سنوات وربما لايسمعها أحد ولكنها موجودة بحجة أن البعض يأخذ عليها راتبه او تكليفاته وغير ذلك.
  • يغيب عن المادة الإعلامية الإبداع والتطوير وتقديم الجديد ، وعدم وجود مايربط المشاهد بالإذاعة المصرية او التليفزيون المصري.
  • الكثير من البرامج غير نابعة من واقع المجتمع المصري والقضايا المحلية والعالمية التي يتهم بها مشاهد ومستمع الإعلام المصري.
  • الأمر يتطلب دراسة شاملة لجميع البرامج المقدمة في الإذاعة والتليفزيون وإعادة النظر في البرامج المقدمة والخطة البرامجية.

المشكلة الثالثة: الإمكانيات المادية:

قد يكون هناك تحديث وتطوير في الإمكانات التي تساعد الإعلاميين في تطوير المحتوي الإعلامي وتقديم شكل جيد على الشاشة أو أمام الميكرفون ولكن هناك حاجة إلى المزيد وخاصة الإذاعة المصرية التي تحتاج إلى جهودا كثيرا لتطوير بيئة العمل بها، فعلى المستوى العالمي ظهرت احدث الأجهزة التي تساعد في تطوير وتحسين جودة المنتج الإعلامي.

الأمر يحتاج إلى خطة إحلال وتطوير لجميع الأجهزة والإستوديوهات والوسائل والمعدات المستخدمة في التصوير والتسجيل، والتي تساهم في تطوير المادة الإعلامية وضمان وصولها بصورة جيدة للجمهور.

المشكلة الرابعة: النواحي المالية:

مازالت رواتب العاملين بإتحاد الإذاعة والتليفزيون رواتب متدنية لاتحقق للإعلامي حياة كريمة فالراتب لايكفية في أن يشتري متطلبات أن يكون مظهره جيدا إعلاميا ، وعندما تقارن راتب الإعلامي المصري بغيره في القنوات الخاصة لا تجد وجها للمقارنة، وبالتالي الأمر هنا يحتاج إلى إعادة النظر في نظام الراوتب والمكافات ودمج البنود الكثيرة في صرف المستحقات والتي تسمح بالتلاعب ويحصل الكثيرون على ما لايستحقون تحت بنود معينة، ويقع الظلم  على الكثرين الذين يقوم باعمال كثيرة مقابل مبالغ متدنية لاتعدوا أن تكون إعانة بطالة وليست راتب.

لابد أن تكون هناك ىلية في منح الرواتب والمكافآت والإمتيازات تقوم على أساس ما يحصل عليه الموظف يكون مقابل العمل الفعلي الذي قام به، وبالتالي تشجيع الناس على العمل.

المشكلة الخامسة: إستطلاعات الرأي:

يفتقد إتحاد الإذاعة والتلفزيون إلى وجود آلية موضوعية ومنهجية علمية لقياس آراء  المستمعين والمشاهدين، حقيقة هناك الإدارة المركزية لبحوث المستمعين والمشاهدين، ولكن ماهى الآليات التي تستخدمها في قياس نسب الإستماع؟، وهل ما قدمته من بحوث ودراسات ساهم في تطوير الأداء في التلفزيون المصري والإذاعة المصرية؟ هذا القطاع يحتاج إلى إعادة هيكلة وتحديد الدور الحقيقي الذي يجب أن يقوم به ؟

لايمكن للإعلام المصري أن يتطور إلإ إذا كان هناك قياس أداء حقيقي لرأي الجمهور حول ما يقدم في الإعلام المصري حتى يمكن أن نطور ما نقوم به، وحتي نبقي على المفيد ونحذف غير المفيد ، لأن الدقيقة الواحدة تكلف الكثير وبالتالي توفير هذه التكاليف إلى شيء مفيد.

المشكلة السادسة: تقييم اداء العاملين

لاتوجد في الإذاعة المصرية او التليفون المصري آلية موضوعية في لتقييم العاملين بشكل موضوع ، فقط تقييم الأداء السنوي الذي يقيم الشخص بناء على رغبة المدير و لايحق للموظف أن يعرف تقديره وتقييمة.

هناك حاجة لنظام جديد يقوم على الموضوعية في عملية القياس ويقيس الأداء الفعلي للموظف ويكون الموظف على علم به وعلى أساسه يتم تحديد المكافآت والحوافز والترقيه حتى يكون هناك دافعا للعاملين لبذل الجهد وتحقيق التميز والعمل على إحداث التطوير الحقيقي.

المشكلة السابعة : الإذاعات الإقليمية:

هل الإذاعات الإقليمية حققت الهدف الذي جاءات من أجله؟، وهل مايقدم بها من برامج ومادة إعلامية يحافظ على هوية المجتمع الذي تخاطبة المحطة؟، وهل ما يقدم من برامج يعد منافسا لما تقدمه لقنوات الفضائية بحيث يحقق التوازن؟، هل نسبة الإستماع لهذه المحطات مرضية؟ هل العنصر البشري في هذه المحطات مؤهل بالشكل الذي يمكنه من فهم رسالة المحطة؟.

الأمر يتطلب دراسة تفصيلية لواقع الإذاعات الإقليمية لوضع خطة لتطويرها بما يتواكب مع المتغيرات العالمية على أن تشمل الخطة  تقييم العنصر البشري ، الإحتياجات المادية والمالية، محتوى ونوعية البرامج المقدمة، تأثيرها في المجتمع منذ نشاتها حتى الان ومدى التأثير الذي أثرت به المجتمع الذي تعمل به؟ وبعد ذلك إتخاذ القرار بشانها.

المشكلة الثامنة: عدد الإذاعات والقنوات التليفزيونية:

في ظل  هذا التطور الإعلامي الكبير هلى نحن في مصر في حاجة لأن تكون الدولة مسئولة عن هذا العدد الكبير من القنوات التليفزوينة المتخصصة والإذاعات المملوكة للدولة ، بالإضافة إلى القنوات والإذاعات الإقليمية ؟

 يتطلب الأمر  من المسئولين دراسة  الوضع الحالي  الإجابة عن هذا السؤال هل نبقي على هذا العدد المحطات الإذاعية والتليفيونية؟ أم يتم إسنادها إلى القطاع الخاص ؟، ام دمجها وتوحيد الإتجاه؟.

في النهاية هذا العرض يعبر عن وجه نظر شخصية ورؤية لما يجب أن يكون عليه الوضع في المستقبل لتطوير الإعلام المصري الرسمي ، يحتاج الأمر إلى جهود كبيرة وفريق عمل متخصص يدرس ويحلل الوضع الراهن بشكل أكثر تفصيلا للخروج بتوصيات تساهم في تطوير الإعلام وضمان حقوق العاملين في الإعلام المصري.

حفظ الله مصر

Author: د. عبدالرحيم محمد عبدالرحيم

دكتور عبدالرحيم محمد عبدالرحيم استشاري التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي والتدريب عضو هيئة تدريس (منتدب) – كلية المجتمع – دولة قطر drabdo68@yahoo.com www.dr-ama.com

Share This Post On