كيف تكتب بحثا؟

كيف تكتب بحثا

1) مرحلة ما قبل الكتابة   هناك عدة أمور ينبغي على الطالب أن يبدأ بها قبل كتابة البحث أهمها ما يلي :

أولا: القراءة الواسعة

إن القراءة الواسعة في المجال بصفة عامة واجبة على الطالب الذي يريد أن يبحث ، لكي يستطيع أن يحدد موضوعا بعينه للبحث ،وعادة ينبغي أن تتسم هذه القراءة الواسعة بطابع معين وهو أن تكون سريعة،فالباحث في هذه المرحلة لا يحتاج إلى أن يقف عند كل كلمة أو كل جزئية ، بل هو يريد اكتشاف المجال الخاص الذي يميل إليه ، إلى جانب اختيار موضوع يحدده بناء على رغبة خاصة منه ، وبناء على هدف محدد يريد تحقيقه ، وبناء على عدة شروط سنشير إليها بعد قليل .

لذا ينبغي علي الطالب القراءة في الكتب المتصلة بالمجال بصفة عامة، و بهدف معرفة الإطار العام الذي يضم التصنيفات العامة للمجال . من هنا فان طابع القراءة السريعة هنا لا يعنى إغفال أركان الكتاب المقروء خاصة ما يتعلق بالموضوع، وبالمنهج ، وبالهدف من تأليف الكتاب ، لذا ينبغي على الطالب ألا تفلت منه هذه الخيوط العريضة في أي كتاب يقرأه ليدرك مدى أهمية الموضوع وقيمته ومنهجه .

ثانيا : تحديد الغايةمن البحث

بعد الانتهاء من قراءة بعض الكتب الخاصة بمجال التخصص، ينبغي على الطالب أن يحدد الغاية التي يقصدها إذا ما اختار موضوعا ما،ولن تخرج هذه الغاية أو هدف البحث عما أورده حاجي خليفة في مقدمته القيمة لكتابه الشهير"كشف الظنون" حين قال : التأليف على سبعة أقسام لا يؤلف عاقل إلا فيها : 1 - إما بشيء لم يسبق إليه فيخترعه . 2- أو بشيء ناقص يتممه . 3- أو بشيء مغلق يشرحه . 4 - أو بشيء طويل يختصره ( دون أن يخل شيء من معانيه ) . 5 - أو بشيء متفرق يجمعه . 6 - أو بشيء أخطأ فيه مصنفه فيصلحه . 7 - أو شيء مختلط يرتبه .

ويمكن للباحث أن يحدد هدفا من الأهداف السابقة يكون محورا لبحثه .

ثالثا : أنماطالموضوعات البحثية:

ينبغي علي الباحث في قسم الفلسفة أن يلم بالأنماط المتعددة لموضوعات البحث ليكوّن فكرة عن تلك الأنماط ، ومن المفضل أن يأتي بنمط جديد ، وعادة تتم الكتابة في أقسام الفلسفة في موضوعات تتعلق بما يلي :

1- دراسة شخصية فكرية ، قد تكون عربية أو أجنبية ، يتم إبراز أعمالها ، وعرض إسهاماتها في مجال تخصصها، وقد لا يكون عند القارئ دراية بجوانب هذه الشخصية فيتم تقديمها للقارئ لأول مرة، ويعد هذا إسهاما من الباحث لتعريف القارئ على مفكر قد لا يعرفه ؛ 2- دراسة فكرة معينة أو نظرية لدى شخصية معينة ؛ 3- دراسة فكرة معينة أو نظرية في إطار مذهب     أو اتجاه معين؛  4 - دراسة فكرة معينة أو نظرية في عصر معين ؛ 5 - دراسة فكرة معينة في عدة مذاهب أو اتجاهات ؛ 6- دراسة مشكلة مطروحة بين عدة مذاهب أو اتجاهات ؛ 7 - دراسة مقارنة بين فكرتين أو نظريتين : متشابهتين            أو متعارضتين ؛ 8 - دراسة المنهج عند شخص معين ، أو اتجاه معين ؛ 9 - دراسة مذهب متكامل ؛ 10 - تحقيق مخطوط قديم ، ودراسة موضوعه ؛ 11 - ترجمة كتاب ، ودراسة موضوعه ؛ 12 - عرض كتاب جديد ، ودراسة موضوعه " وهو يختلف عن البحث " .

ومن المؤكد أن هناك أنماطا كثيرة يمكن التأليف فيها،وهى متروكة لاجتهاد الباحث واختياره .

رابعا : تحديد موضوع البحث:

في ضوء ما سبق يستطيع الطالب أن يحدد موضوعا بعينه ليخدم غرضا من الأغراض التي أشرنا لها سابقا ، واختيار الموضوع هو في الواقع مهمة الباحث الذي يطرح على نفسه عدة أسئلة قبل تحديد موضوع بحثه وهى : 1- هل يستحق هذا الموضوع ما سيبذل فيه من جهد ؟ 2- هل من الممكن كتابة بحث أو رسالة عن هذا الموضوع ؟ 3- هل في طاقتي أنا أن أقوم بهذا العمل ؟ 4- هل أحب هذا الموضوع وأميل إليه ؟

إذا كانت الإجابة بالنفي يحاول الطالب اختيار موضوع آخر تتحقق فيه هذه العناصر ، إذ ليس كل موضوع يستحق المجهود ، فالموضوع الذي يستحق الجهد المبذول هو الموضوع الذي ينتفع به عمليا،ويمكن الاستفادة به في مجال التخصص ، كما أنه ليس من الممكن كتابة أي بحث إذا لم تتوفر- مثلا مادة هذا البحث التي تجعل كتابته ممكنة ، كما أن حالة الطالب وظروفه الخاصة المتعلقة - على سبيل المثال - بمعرفة بعض اللغات ينبغي أن توضع موضوع الاعتبار في اختيار بحث بعينه ، وقد توضع الناحية المادية أيضا في الاعتبار ، إذ أن البحث يتطلب جهدا ماديا إلى جانب الجهد الدراسي ، فقد يستلزم الأمر السفر إلى أماكن بعيدة ، أو طلب مخطوطات من مكتبات بعيدة تتطلب سداد تكاليفها .

أما ما يتعلق بالجانب العاطفي والميل الذاتي لموضوع ما فهو أمر على درجة كبيرة من الأهمية، لكي لا يقع الباحث في صراع بين العاطفة والأمانة العلمية ، كأن يكتب الشيوعي عن الرأسمالية أو العكس أو يكتب الشيعي عن أهل السنة ... الخ .

إذن عند اختيار الموضوع ينبغي توفر عدة شروط أهمها ما يلي : تجنب اختيار  موضوع تمت دراسته من قبل، إلا إذا رأى الباحث أنه سيضيف جديدا إلى الموضوع ، سواء في منهج المعالجة ، أو في إيضاح حقائق جديدة يقدمها بناء على اكتشاف مصادر جديدة تغير من الفكرة المعروفة عن الموضوع .

أيضا ينبغي على الطالب أن يتجنب الموضوعات البانورامية الواسعة غير المحددة ، مثل : " دراسة الاتجاهات الفلسفية " ، أو " أفكار ومواقف " ، أو " فلسفة العلم " مثل هذه الموضوعات لا تتناسب مع الطالب الذي نعنيه هنا .

لذا ينبغي اختيار الموضوع بناء على الزمن المتاح وبناء على المساحة المطلوبة للبحث وهى مساحة تتراوح بين عشرين وخمسين صفحة .

لا ينبغي على الطالب اختيار موضوع قبل التأكد من توافر مصادره الرئيسية، فإذا لم يتوافر هذا الشرط ، فلا ينبغي اختيار الموضوع على الإطلاق .

ينبغي على الطالب أن يحدد موضوعا أو عددا من الموضوعات التي يختارها ، ثم يعرضها على أستاذه للتشاور معه ، والاستفادة من خبرته في المجال ، وللتأكد من أن زميلا له قد اختار الموضوع نفسه .

وقد يقوم بالبحث طالب واحد ،وقد يختار عدد من الطلبة موضوعا واحدا يبحثه كلا منه زوايا معينة وقد يتدخل الأستاذ المشرف على البحث ويوجه الطالب إلى إعادة اختيار موضوعا آخر أو تغيير عنوان الموضوع ليكون أنسب ، أو يبدى رأيا معينا في الموضوع ... الخ . لأن العنوان يجب أن يدل القارئ على فكرة صحيحة عما هو مقبل عليه ، فهو كالعلامة المرشدة التي تدل السائر على الطريق لكي لا يضل في سيره ، وتأتى خطة البحث لتكون بمثابة الخريطة التي يحدد كل جزء فيها الأهداف المطلوبة من البحث . ومن الواجب على الطالب أن يظل على صلة بالأستاذ المشرف ، وأن يقدم له من حين لآخر ما يثبت أنه يسير في بحثه سيرا منتظما وسليما ، ليعرف الأستاذ المشرف مدى التقدم الذي يحققه الباحث في بحثه .

والمسئولية تقع من أولها إلى آخرها على الباحث ، فهو السؤول عن بحثه ، وقد يختلف مع الأستاذ المشرف في علمه ، وهذا الاختلاف مطلوب إذا بني على حجة منطقية ووجهة نظر علمية صحيحة مدعومة بالأدلة والبراهين .

ومن الخطأ الاعتقاد بأن السابقين قد اكتشفوا كل شيء وكتبوا في كل موضوع ، أو أن السابقين لم يتركوا شيئا للاحقين .

خامسا : القراءة فيالموضوع

المقصود بهذه الخطوة هو القراءة في الموضوع الذي تم تحديده بالفعل ، أو في موضوعات قريبة منه ، أو مشابهة له، لكي يتسنى للطالب أن يضع خطة للبحث ، وأن يبدأ من حيث انتهى غيره من الباحثين ليسير بالعلم خطوة للأمام ، إلى جانب أن يسترشد بما قدمه الآخرون من أساليب منهجية لمعالجة البحث مع الأخذ في الاعتبار أنه ليس كل ما كتب ، أو ما هو معروض في المكتبات يعد نموذجا للكتابة العلمية الصحيحة،بل هناك كثير دون المستوى العلمي المطلوب ، ومن خلال القراءة المطلوبة هنا يستطيع الباحث أن يضع خطة للبحث بالتشاور مع الأستاذ المشرف .

والقراءة المطلوبة هنا أيضا هي قراءة سريعة يحدد فيها الباحث نظرته إلى الكتاب المقروء ، ومدى اعتماده عليه في المستقبل ، وفى حالة إذا ما وجد أن الكتاب دون أهمية لموضوعه تتحول القراءة بعد ذلك إلى قراءة متأنية في مرحلة جمع المادة العلمية .

وفى هذه المرحلة يمكن كما يلي :

ينبغي أولا البدء بصفحة الغلاف للتأكد من أن الموضوع شديد الصلة بالموضوع المحدد ، أو في صميم الموضوع المحدد ؛ ثم النظر في فهرس الموضوعات للتعرف على الترتيب المذكور في الفهرس ؛ ثم الرجوع إلى مقدمة المؤلف ، وكذلك إلى الخاتمة ؛

ثم النظر في المراجع التي رجع إليها المؤلف لمعرفة مدى قوة البحث ومدى الاستفادة التي يمكن أن يستفيد الطالب من هذه المراجع ؛ ثم النظر إلى الفهرس التحليلي للموضوعات إن وجد لاختيار الأفكار التي تهم البحث أكثر من غيرها ، دون الاضطرار إلى قراءة الكتاب كله .

سادسا : وضع خطة البحث " تقسيم البحث"

بعد تحديد الموضوع ، وبعد القراءة حوله يتم وضع خطة البحث ، وهى بمثابة الخريطة الهادية التي يحدد كل جزء فيها الهدف المطلوب،و هذه الخريطة الهادية تأخذ شكل الفهرس المؤقت القابل للتغيير ، مع الأخذ في الاعتبار أن طبيعة كل موضوع تفرض طريقة خاصة لتقسيم أجزائه ومضمونه طبقا لنوع البحث سواء أكان بحثا جامعيا ، أو رسالة علمية مثل رسائل الماجستير أو الدكتوراه .

وقد جرت العادة في الرسائل الجامعية أن تقسم الرسالة إما إلى أبواب أو إلى فصول كما يلي : 1 - الأبواب : وتمثل الأبواب أقساما كبرى في جسم الرسالة ، وكل باب يتمتع باستقلاله الموضوعي الخاص،مع عدم إغفال الرابطة الكلية الجامعة لكل الأبواب معا. 2 - الفصول : وتمثل تلك الفصول أجزاء كل باب .

3 - الأقسام : وهى أجزاء فرعية داخل الفصول .

هذا إلى جانب :

4 - المقدمة:التي يعرض فيها الباحث أسباب اختياره للموضوع وأهمية الموضوع ، ومنهجه الذي اتبعه في دراسة الموضوع ،وخطته في البحث،إلى جانب الصعوبات التي واجهته أثناء البحث ، ثم شكر وتقدير للذين عاونوه على أداء البحث .

5 - الخاتمة : وتحتوى على أهم النتائج التي توصل إليها الباحث ، ومدى الإسهام الذي أسهمت به الرسالة في خدمة المعرفة ، إلى جانب التوصيات إلى يقدمها الباحث لتوجيه أنظار الباحثين الآخرين لمواصلة البحث في موضوعات تتعلق بالموضوع .

6- الفهارس :أ – فهرس يوضح محتويات الرسالة،وقد يكون هذا الفهرس تحليليا ، أي يشمل عرضا تحليليا لأجزاء الموضوعات التي ورد ذكرها في البحث وبيان مواضع ورودها فيه ،وطبقا للنظام الانجليزي يكتب هذا الفهرس الخاص بمحتويات الرسالة في أول الكتاب ، وطبقا للنظام الفرنسي يكتب في آخر الكتاب وهذا هو المعمول به والمرجح في المؤلفات العربية . ب – فهرس الأعلام : وهو يتعلق بأسماء الأعلام الذين ورد ذكرهم في البحث ، ويكتب اسم العلم إلى جانب أرقام الصفحات التي ورد فيها . ج – هناك فهرس الصور والرسوم : يوضح فيها أرقام اللوحات التي وردت فيها . د- وهناك فهرس يتعلق بالآيات القرآنية،وآخر يتعلق بالأحاديث النبوية التي ورد ذكرها .

7- قائمة المراجع والمصادر ، والمصادر تعنى المؤلفات الأصلية للبحث، كأن تكون الكتب التي كتبها الفيلسوف بنفسه ، أما المقصود بالمرجع هو الكتاب الذي درس المؤلفات الأصلية. فكتاب الشفاء لابن سيناء هو مصدر، أما من يكتب بحثا عن ابن سيناء مثل : " منهج البحث في الطب عند ابن سيناء " فإنّ هذا البحث يعد مرجعا، وهذا يعنى أن عمل الباحث نفسه يعد مرجعا في موضوعه إذا حقق شروط البحث العلمي . و تكتب قائمة المراجع بادئة بالقرآن الكريم ثم كتب الصحاح، ثم المصادر فالمراجع التي أستقى منها الباحث مادته ، ويتم ترتيب المصادر الرئيسية حسب سنة تأليفها الأقدم فالأحدث ، ويتم ترتيب المراجع حسب الترتيب الأبجدي لأسماء المؤلفين مع إغفال " أبو: ابن: أل " ،والمراجع الأجنبية تعتمد في ترتيبها الأبجدي على الاسم الأخير للمؤلف " أسم العائلة " .

فيكتب أسم المؤلف ،ثم أسم الكاتب الناشر، رقم الطبعة ، تاريخها ، مكان الطبع .

وبعد ذكرى المخطوطات والمؤلفات، يأتي ذكر دوائر المعارف،والمجلات العلمية المتخصصة ثم الصحف ولما كان حديثنا هنا عن "بحث" للطالب الجامعي في قسم الفلسفة ، فإنّ هذا النوع من البحوث لا يتجاوز عشرين صفحة أو أكثر وفى هذه الحالة يمكن تقسيمه إلى مقدمة، والى أقسام مرتبة ترتيبا منطقيا من الأعلى إلى الأدنى " تنازليا "، أو من الأدنى إلى الأعلى " تصاعديا " فحسب منهج البحث المتبع ، ثم خاتمة ، وقائمة المراجع .

لكن ينبغي أن يعالج الباحث العناصر التالية كل حسب موضعه من خطة البحث : 1 - تحديد المشكلة " أو الموضوع " ؛ 2 - أهمية المشكلة ؛ 3 - الأساس النظري والدراسات السابقة ؛ 4 - صياغة المشكلة ؛ 5 - الحلول المقترحة ؛ 6 - مناقشة النتائج ؛ 7- سلامة العرض ؛ 8 - الأصالة والابتكار ؛ 9 - الالتزام بأصول المنهج العلمي ؛ 10- التعبير ودقة اللغة ؛ 11 – التوثيق .

سابعا : جمع المادةالعلمية

1- حصر المصادر والمراجع :

يبدأ الطريق لجمع المادة العلمية للبحث بحصر شامل للمصادر والمراجع الخاصة بالموضوع،أي حصر قوائم الكتب و المخطوطات والمجلات ذات الصلة بالموضوع . على الطالب أن يجيد التعرف على موضوعه من خلال الأماكن المتخصصة كالمكتبات العامة ، أو مكتبة الكلية ، أو المكتبات الخاصة .. الخ . ويحتاج الأمر منه التعرف على النظام فهرسة الكتب في المكتبات وكذلك التعامل مع أمناء المكتبات . كما يمكن للطالب أن يسترشد بعمل من المراجع من خلال الكتب الحديثة القيمة التي تقوم بعمل ثبت المراجع في نهاية الكتاب . وعند إعداد قائمة المراجع المتعلقة بالبحث ينبغي كتابة ما يتعلق بكل مرجع كتابة صحيحة من حيث اسم المؤلف ، واسم المرجع ، وتاريخ النشر ، ومكانه .. الخ لكي تكون المعلومات كافية لدى الباحث ولدى كل من يريد الاطلاع على المرجع ويمكن للطالب أن يستخدم نظام البطاقات،ليدون على البطاقة المعلومات المتعلقة بكل كتاب ومحتوياته ، ويمكن تصنيف المراجع بحسب أهميتها للموضوع وصلتها به ، إذا كانت ذات صلة عامة ، أو صلة بأحد الفصول أو بقسم من أقسامه ، فيكتب "بالقلم الرصاص" في أعلى البطاقة العنوان الذي يصلح أن نضع فيه معلومات مت هذا الكتاب المحدد .

2- تدوين المادة العلمية :

إن عملية تدوين المادة العلمية تتطلب قدرة واعية ، وحسن اختيار لما يتناسب مع خطة البحث،وتتنوع أساليب جمع المادة العلمية بين النقل والتلخيص و إعادة الصياغة .

النقل : وهو اقتباس مباشر، أي اختيار أجزاء محددة من نصوص الكتاب المقروء بنقلها حرفيا كما هي في الأصل مع وضعها بين علامات تنصيص "...." مع الإشارة في أسفل كل نص منقول إلى اسم مؤلف الكتاب،وعنوان الكتاب والناشر، ومكان الطبع ، وتاريخ النشر ، والجزء والصفحة .

وقد ينقل الباحث بعض الفقرات مع حذف بعض العبارات وفى هذه الحالة عليه أن يضع علامة " .... " ليدل على أن عبارات محذوفة من النص الأصلي .

التلخيص:

ليس من الضروري أن ينقل الباحث النصوص نقلا حرفيا فيكون البحث عبارة عن قص ولصق للنصوص بجانب بعضها البعض ، بل على الباحث أن يستخدم أيضا أسلوب التلخيص،أي تلخيص لأهم الأفكار دون الإغراق في تفاصيل الفكرة العامة        أو الأفكار الفرعية التي تندرج تحتها، بل التلخيص يعد أنسب الطرق لعرض الفكرة العامة والأفكار الرئيسة مما يعطى ساحة للباحث لمناقشة هذه الأفكار وتحليلها وتقويمها تقويما صحيحا .

والتلخيص يتطلب وعيا كاملا من الباحث للإلمام بالهيكل العام للموضوع من حيث عناصره الأساسية ، ومنهجية التناول . و إذا كان التلخيص يعنى اختصار الموضوع في مساحة لا تتجاوز ثلث المكتوب ، فهذا لا يعنى أن يتم الاختصار دون إدراك لمجموع ما يمثل الهيكل البنائي و المنطقي للموضوع،أي ما يمثل العمود الفقري للموضوع وهو ما يعطى للباحث فرصة السيطرة على المادة العلمية وتحليلها تحليلا علميا .

إعادة الصياغة:

الواقع أن إعادة الصياغة تعنى أن يستخدم الباحث أسلوبه الخاص في التعبير عن أفكار الغير ، فينقل الفكرة من كتاب معين ويعبر عنها بأسلوبه ، وهذا يتطلب الفهم الواعي للأفكار على أن يشير الباحث فئ الهامش إلى أن الفكرة مأخوذة من كتاب ... كذا ... للمؤلف الفلاني .. الخ .

وقد تتداخل إعادة الصياغة مع التلخيص ، بحيث نقول أن التلخيص هو إعادة صياغة لأهم الأفكار الأساسية والرئيسية ، وقد تتطلب إعادة الصياغة تلخيصا ، وكل من التلخيص أو إعادة الصياغة لا يتم وضعها بين علامات التنصيص .

التعليق الخاص للباحث:

ويعتبر التعليق الخاص للباحث على درجة كبيرة من الأهمية،فهو بمثابة تسجيل الأفكار التي تقفز فجأة إلى عقل الباحث أثناء القراءة و تدوين المادة العلمية وعليه أن يقوم بتسجيلها فورا لكي لا تهرب ، أو يتم نسيانها . وعلى الباحث أن يضع علامة مميزة "كالحرف الأول من اسمه"تدل على أن هذه العبارات المكتوبة هي تعليقه الخاص حتى لا يحدث خلط بينها و بين النصوص أو الأفكار المنقولة و التي تم تلخيصها .

3- بطاقات المادة العلمية :

طريقة البطاقات هي من أكثر الطرق استخداما،لسهولة تناولها وسهولة ترتيبها أو استبعادها في حالة الحاجة إليها .

وفى البطاقة يقوم الباحث بتدوين الاقتباس المنقول،أو الملخص،على ألا يغفل الباحث وضع عنوان ( بالرصاص ) لكل اقتباس يتناسب مع تقسيمه للبحث بحسب الخطة الموضوعة و ينبغي أن تكون الكتابة واضحة( بالقلم الجاف ) تتميز بالدقة في تحديد المطلوب .وتستخدم كل بطاقة لتسجيل فكرة واحدة فقط ، مع ضرورة كتابة المرجع المنقول عنه ( اسم المؤلف ، اسم المرجع ، رقم الطبعة ، اسم الناشر ، مكان الطبع ، سنة الطبع ، رقم الصفحة التي اقتبس منها الباحث هذا النص أو الفكرة . إذن، تحتوى البطاقة على ثلاث أنواع من المعلومات هي :

1- عبارة توصيفية للفكرة التي تتضمنها البطاقة بما يتناسب مع موضوع البحث . 2- الفكرة الرئيسية التي تتضمنها البطاقة . 3- المصدر أو المرجع الذي أخذت منه الفكرة . ويمكن ترك فراغ من البطاقة لإضافة التعليق الخاص بالباحث إذا قفزت إلى ذهنه فكرة معينة أثناء تدوين المعلومة ، وعلى الباحث أن يبادر بتدوينها فورا مع وضع علامة تبين أنها تعليق خاص .

وتأتى أهمية استخدام البطاقات في سهولة التعامل معها من حيث إعادة ترتيبها واستخدام النصوص بحرية تامة في أماكن مختلفة من البحث،وذلك مقارنة بالصفحات المثبتة في كشكول أو كراسة . و يمكن إعطاء أرقام مسلسلة للبطاقات حتى يستطيع الباحث أن يرجع بسهولة إلى أي بطاقة سابقة .وينصح الباحث أن يداوم النظر فيما دونه من نصوص مما يتيح له ظهور تفسيرات جديدة .

4- طريقة الملف المقسم :

هناك طريقة أخرى لجمع المادة العلمية وتوزيعها ، وهى وضعها في ملف ، بعد أن يتم تدوين المادة العلمية في أوراق ، يتم تقسيمها بحسب أقسام الخطة المقترحة فيكون القسم الأول للمقدمة،والأخير للمراجع، وبينهما أقسام مساوية لعدد فصول الرسالة ، وبين كل قسمين توضع ورقة من نوع سميك ذات طرف بارز يكتب على الطرف عنوان الفصل،وحين يجمع الطالب مادته، يتم وضعها في الفصل الخاص بها في الدوسيه ، ويكتب الطالب على وجه واحد من الورقة ، وقد يرى البعض أن نظام الدوسيه يتميز عن نظام البطاقات للأسباب الآتية :

1 - يوفر الوقت حيث يتم جمع المادة وتوزيعها دفعة واحدة بدلا من جمعها في بطاقات ثم توزيع البطاقات وترتيبها في مرحلة تالية . 2 - الدوسيه يحفظ ما به من أوراق ، أما البطاقات فهي عرضة للضياع . 3 - في الدوسيه هناك مرونة لمراجعة الاقتباسات في الفصل لخاص بها، أما في البطاقات يحتاج الباحث إلى وقت لفرز البطاقات للوصول إلى الاقتباس الذي يريده . 4- هناك سهولة في حمل الدوسيه للكشف عن المادة المدونة في أي وقت، وهذا لا يتوافر في حالة البطاقات . ونظام الكتابة في الدوسيه كالكتابة في البطاقات تكون بقلم جاف وبخط واضح ،مع وضع عنوان لكل اقتباس يتناسب مع خطة البحث ، ومع كتابة المرجع ومؤلفه .... الخ

ثامنا : منهج دراسة البحث:

المنهج يعنى طريق السير في البحث انطلاقا من نقطة محددة وصولا للهدف المنشود، مارا بخط سير يمتد من نقطة البداية وصولا إلى نقطة النهاية ، والنهج وثيق الصلة بالخطة الموضوعة التي رسمها الباحث للموضوع ، و إذا كان المنهج يتكون من المعطيات والنتائج والمبادئ التي يقوم عليها الاستدلال،فأن المادة العلمية التي جمعها الباحث تمثل المعطيات التي ينطلق منها الباحث في سيره نحو تحقيق الأهداف ، وقد يصل الباحث إلى نتائجه عن طريق المهج التجريبي الذي يبدأ بالخطوات التالية :

1 - تحديد المشكلة محل البحث ؛ 2 - جمع البيانات والمعلومات حول المشكلة ؛ 3- فرض الفروض لحل المشكلة ؛ 4 - اختبار صحة الفروض ؛ 5 - التوصل إلى نتائج يمكن تعميمها .

ولقد أشرنا – فيما سبق – إلى العنصرين( 1، 2 )عند الحديث عن تحديد موضوع البحث ، وجمع المادة العلمية ، أما العناصر الأخرى نوضحها كما يلي :

فرض الفروض لحل المشكلة: هو ما يمثل الخطوة الثالثة بعد تجميع البيانات الخاصة بالمشكلة وتدوينها ،تأتى مرحلة تحليل هذه البيانات والربط بينها لرسم صورة دقيقة عن المشكلة ومعرفة أسبابها الحقيقية،للوصول إلى طرق الحل،ولن يتم الوصول إلى حل المشكلة إلا بافتراض الفروض وهى ما يمثل الاقتراحات الممكنة لعلاج المشكلة .... ويشترط لسلامة الفروض أن تكون موجزة ، واضحة ، وقابلة للتحقق من صلاحيتها وترتبط قدرة الباحث على وضع الفروض بمقدار خبرته ومعلوماته بموضوع البحث أو بالمشكلة محور الدراسة .والفرض الجيد ينبع من إطار معرفة حقيقية بالمشكلة سواء من خلال استقراء لتجارب علمية صدقت نتائجها، أو من خلال تجربة حية واقعية قام بها الباحث ، وليس من مجرد تخمين بعيد عن الواقع .

أما اختبار صحة الفروض:

أي التحقق من مدى سلامة هذه الفروض و إمكانية صلاحيتها لحل المشكلة محل البحث ، يعتمد هذا الاختبار على أدوات التحليل التي يستخدمها الباحث في إطار المنهج المستخدم في البحث سواء كان الإطار يحمل الطابع التجريبي الذي يستند إلى الواقع التجريبي ، أو يحمل الطابع الرياضي فيكون ذا خطة استنتاجيه تعتمد على التسليم بالفرض مقدما إلى أن يقود إلى غابة من المفارقات المنطقية وفى هذه الحالة يتم استبعاده نهائيا ، واستبداله بفرض آخر يؤدى إلى نتائج مقبولة .

وبعد أن يتم التثبت من صحة الفرض من عدمه يمكن التوصل إلى ما يقود إليه هذا الفرض من نتائج وأحكام عامة يمكن تطبيقه وتعميمها. وهنا يتساءل الباحث عن النتائج التي وصل إليها هل تضيف جديدا في مجال البحث وفى حل المشكلة أو إيضاحها ؟

غير أننا نريد أن نشير إلى نقطة مهمة وهى أن الباحث يستطيع أن يستخدم مناهج متعددة في دراسته،قد يتخذ المنهج التاريخي الذي يسير فيه على نهج التدرج التاريخي للأفكار،مع مراعاة تطور هذه الأفكار ، والدوافع الكامنة وراء هذا التطور،غير ما نريد التأكيد عليه هو أن الإجراء المنهجي الذي يتخذه الباحث سواء كان المنهج يحمل الطابع التجريبي أو الطابع الرياضي أو التاريخي ، فان الأمر لن يخرج عن منهج " التحليل والتركيب " الذي يتكون من خطوتين : خطوة تحليلية نقدية ، وخطوة ايجابية تركيبية بنائية .في الخطوة التحليلية: يقوم الباحث بدراسة المعطيات المتوفرة لديه ، تلك المعطيات التي تمثل المادة العلمية–كما أشرنا – فيعمل على تحليلها وتفتيتها وصولا إلى أدق تفاصيلها، ضاربا في الأعماق إلى ما تحت الجذور لمعرفة الأسس المكونة لهذه المعطيات ، وكيف تم تركيبها في بناء قد يكون متماسكا أو قد يكون غير متماسك،وهنا تقضى عملية التحليل قدرة من الباحث على التحليل والتفنيد والنقد،وعدم التسليم بالآراء التي يقرأها،أو قبولها قبولا حتميا دون التأكد من سلامة الاستدلال أو وقوع المؤلف في تناقض يكشف عن تهافت البناء بأكمله .

ولا ينبغي على الباحث الاكتفاء بالمرحلة التحليلية في المنهج ،بل لا بد أن يعقبها بمرحلة تركيبية بنائية، يكشف فيها الباحث عن العلاقات الرابطة بين المعطيات والنتائج،عن طريقة خطة سير منهجية محكمة يقتنع بها ويقتنع بها الآخرين،وتأتى قوة الإقناع نتيجة لسلامة الاستدلال،سواء كان استدلالا استقرائيا أو استنباطيا ، أو جامعا لهما معا .

والخلاصة أن المنهج يتسم بالعلمية عندما يلتزم البحث بالشروط التالية : 1- أن يتناول البحث شيئا محددا واضحا . 2- أن يقدم البحث عن هذا "الشئ" أمورا لم تكن معروفة من قبل،أو أن يقوم بمراجعة كل ما قيل عن الموضوع من منظور مختلف . 3- أن يكون مفيد ونافعا بالنسبة للآخرين ، أو بالنسبة لأعمال لاحقة تتعلق بالموضوع . 4- أن يزودنا بمنهجية علمية دقيقة كالعناصر اللازمة الدالة على صحة الافتراض الذي يقدمه ، وتقديم الأدلة والتحدث عن الكيفية التي يتم التوصل بها إلى النتائج، و إيضاح المنظور الذي تم تطبيقه على البراهين ، والأسس التي بنيت عليها الأحكام ... الخ

الرابط: http://oubellil.arabblogs.com/philosophie/archive/2009/4/851434.html

Author: د. عبدالرحيم محمد عبدالرحيم

دكتور عبدالرحيم محمد عبدالرحيم استشاري التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي والتدريب عضو هيئة تدريس (منتدب) – كلية المجتمع – دولة قطر drabdo68@yahoo.com www.dr-ama.com

Share This Post On