مستقبل رأس المال الفكري والتعليم والتدريب الإلكتروني
دكتور
عبدالرحيم محمد
مستشار التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي
أستاذ الإدارة العامة المساعد (منتدب) كلية المجتمع
يتضح من مراجعة الدراسات التي تناولت رأس المال الفكري أن تعظيم القيمة المالية في المنظمة يتحقق من خلاله، وتشير الدراسات التي قام بها كابلن ونورتون على المؤسسات الأمريكية أن رأس المال الفكري يحقق 75% من القيمة المتحققة في المنظمات الأمريكية. كما أظهرت الدراسات أن هناك ارتباط مباشر بين رأس المال الفكري ونجاح الأعمال. وأشارت الدراسات إلى أن التدريب هو أحد الأدوات الرئيسية التي تحقق رأس المال الفكري. واتباع المنظمات استراتيجيات لإدارة رأس المال الفكري والتي تتمثل في استراتيجية اكتشافه ، واستراتيجية تنمية، واستراتيجية المحافظة عليه ، هذا الاستراتيجيات هي التي تساهم في استمرارية المنظمة في الاهتمام برأس المال الفكري وتحقيق التراكم المعرفي.
وتهتم المؤسسات في عالم اليوم بالتدريب المكثف لموظفيها وخاصة لتنمية المهارات والقدرات التي تساهم في اكتشاف وتنمية رأس المال الفكري، انطلاقا من أن رأس المال الفكري هو أحد المكونات الأساسية لإدارة المعرفة.
التعلم الإلكتروني هو نقل المهارات والمعرفة عبر شبكة الانترنت لعدد كبير من المتلقين في نفس الوقت أو في أوقات مختلفة. ومع التقدم السريع في التكنولوجيا و أنظمة التعلم ، وإدخال أجهزة الكمبيوتر إلى المؤسسات التعليمية واستخدام الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وما إلى ذلك ، بدأ الاهتمام باستبدال الكتب تدريجيا بمواد تعليمية إلكترونية مثل الأقراص الضوئية أو مخازن المعلومات عبر التقنية السحابية لمشاركة المعرفة عبر الإنترنت ، والتي يمكن الوصول إليها على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع ، في أي مكان وفي أي وقت.
وهناك العديد من الدوافع التي جعلت المؤسسات تتجه نحو التعليم و التدريب عن بعد بشكل مكثف في الفترات الأخيرة، الدافع الأول هو ضرورة التدريب المستمر للموظفين من أجل تعديل مؤهلاتهم بما يتناسب مع متطلبات المنظمة المعاصرة التي تعمل في عالم مضطرب ومتغير باستمرار وهذا يتحقق من خلال التدريب عن بعد . وبالتالي للمحافظة على قدرتها التنافسية فهي في حاجة إلى تدريب موظفيها حتى تحافظ على قيمتها في السوق. والدافع الثاني هو توجه المنظمات إلى تقليل التكاليف غير المرتبطة مباشرة بنشاطها ، على سبيل المثال تكلفة ابعاد الموظف عن موقع العمل لحضور الدورات التدريبية.
أثبت التعلم الإلكتروني أنه أفضل وسيلة في قطاع الشركات ، لا سيما عندما يتم إجراء برامج تدريبية من قبل الشركات متعددة الجنسيات للمهنيين في جميع أنحاء العالم ويكون الموظفون قادرين على اكتساب مهارات مهمة وهم في أماكنهم ، أو من خلال عقد ندوات ، لموظفي نفس المنظمات أو المنظمات المختلفة تحت سقف واحد. أيضا المدارس والجامعات تستخدم التعليم الالكتروني وزاد الاهتمام به منذ جائحة كوفيد-19 بداية من عام 2020 ، وحقق التعليم الالكتروني كأحد مخرجات رأس المال الفكري نجاحا كبيرا في استمرار العملية التعليمية والتدريبية في جمع أنحاء العالم.
و كلما حدث تطور في رأس المال الفكري ساهم ذلك في تطوير التعليم الإلكتروني ، وعلى الرغم من أهمية التعليم والتدريب الإلكتروني فإن هذا لا يعني الغاء التعليم والتدريب بالأنظمة الحالية ، سيظل الاثنين معا لأن هناك مجالات تحتاج إلى التعليم والتدريب المباشر وجها لوجه.
مما سبق يمكن القول أن هناك أهمية كبيرة لرأس المال الفكري والذي يعتبر أحد نتائجه هو المعرفة التي كانت سببا في ظهور التعليم الإلكتروني والاستفادة منه في إدارة الأزمات وهذا الأمر يتطلب من المؤسسات التعليمية والتدريبية الاستفادة من التعليم الالكتروني في المستقبل وتطويره ووضع أسس ومعايير للمواد التعليمة والاختبارات وتقييم المدربين والمدرسين وأعضاء هيئة التدريس لأنه حتما سيكون أسلوب تعليم معتمد ومعترف به بشكل دائم في كثير من قطاعات وتخصصات التعليم والتدريب.
المقالة من هنا مستقبل رأس المال الفكري والتعليم والتدريب الإلكتروني