فرق العمل من الفرعونية إلى المؤسساتية

فرق العمل والتحول من الفرعونية إلى المؤسساتية

 

دكتور
عبدالرحيم محمد
إستشاري التخطيط الإستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي

drabdo68@yahoo.com

نلاحظ في موسم هجرة الطيور انها تطير على شكل حرف “v” ، و السؤال لماذا تطير بهذا الشكل؟، ولماذا لا يطير كل طائر بمفردة، أثبتت الدراسات المهتمة بمتابعة حركة الطيور أن الطيران بهذا الشكل يرفع من كفاءة الطيران، بنسبة 71% نتيجة تقليل مقاومة الهواء، كما تبين أن الطائر الذي يقود السرب عندما يشعر بالتعب، يرجع إلى الخلف ويحل مكانه طائر آخر، في قيادة السرب ويتم تبادل ذلك مع باقي الأعضاء ، وهذا يساعد السرب في عدم الشعور بالتعب، لأن الطائر الذي يقود السرب يقع عليه مجهود كبير نتيجة وجوده في البداية وفي المقدمة ويكون أكثر عرضة لمقاومة الهواء ، وعندما يشعر قائد السرب أن الطيور أبطأت في طيرانها ينبه الطيور إلى إصدار أصوات معناها تشجيع باقي الطيور وحثها على بذل مزيد من الجهد، وعندما يصاب أحد الطيور أو يمرض تقوم مجموعة من السرب بأخذه والإنفصال عن السرب وتهبط به إلى الأرض وتظل بجواره حتى يشفي او يموت، ثم تلتحق بسرب آخر أو تطير حتى تلحق بمجموعتها.
يتبين من هذه القصة أن روح الفريق والتعاون وتبادل الأدوار مبدأ أساسي في فرق العمل فتحديد الأدوار والمهام تساهم في تحقيق الكفاءة وزيادة حجم الإنتاجية.
وتحديد الأدوار ووضوح المهام تساهم في معرفة كل فرد لدوره وبالتالي الإدارة الجيدة للوقت والسرعة في الإنجاز وتخفيض ضغوط العمل، وقيام كل فرد بدراسة العناصر الأساسية وتجميع المعلومات المطلوبة عن كل مهمه وبالتالي يستطيع إنجازها بشكل صحيح في الوقت المحدد.
كما أن العمل من خلال فريق عمل تساهم في خلق المنافسة بين أعضاء الفريق والتي تؤدي بدورها إلى الوصول إلى الأفكار الإبداعية وتقديم أفضل الأفكار لحل المشكلات والتعامل مع مختلف القضايا.
ويمكن القول كما يتضح من الكتابات أن فريق العمل هو مجموعة من الأشخاص مجتمعين معا يوجههم هدف عام، ومن مراجعة التعاريف التي تناولت فريق العمل نجد أنها تركز على نقاط رئيسية وهى أن الفريق مجموعة من الأفراد لهم مهام وادوار مختلفة ، بينهم التزام مشترك، يعملون بشكل متعاون ويسعون لتحقيق أهداف مشتركة.
ومن ناحية أخرى فرق العمل التي تعمل بشكل مختلف ورؤية أكثر اتساعا تحقق نتائج إيجابية أكثر من النظرة الضيقة لفريق العمل، ويتضح هذا من خلال هذه القصة التي دارات أحداثها بين الأرنب والسلحفاة، حول إدعاء كل واحد منهم بأنه الأسرع، ولحسم هذا الجدال بين الإثنين إتفقا على الدخول في سباق جري، وتم تحديد الزمان والمكان وبدا السباق وتقدم الأرنب كثيرا ونظر خلفه فوجد السلحفاة بعيده فقال لنفسه أجلس قليلا أستريح ثم أواصل الجرى لأن السلحفاة أمامها الكثير حتى تصل، ولكنه نام ولم يشعر إلا والسلحفاة وصلت خط النهاية وفازت، حزن الأرنب كثيرا نتيجية عدم فوزه، القصة لم تنته بعد ولكن نستنتج من هذه الجزئية أن البطء يمكن أن يساعد صاحبه على الفوز إذا كان لديه الإصرار والإستمرارية، بينما الغرور لا يحقق النجاح رغم توافر الإمكانيات .
بدأ الأرنب يفكر في كيف يكسب السلحفاة ويعوض خسارته فطلب منها التسابق مرة أخرى ووافقت السلحفاة وفي هذه المرة فاز الأرنب بعدما عرف الأخطاء التي وقع فيها في السابق الأخير.
وهنا رأت السلحفاة أن الأرنب فهم الدرس ولن تستطيع الفوز عليه بهذه الطريقة ، وعليها أن تفكر بشكل مختلف فطلبت منه السباق مرة آخرى فوافق ولكن هذه المرة غيرت السلحفاة السباق إلى طريق آخر ووافق الأرنب على طلبها ، وبدأ السباق ، وأثناء السباق ظهر أمامهم نهر في الطريق وكان على الأرنب عبوره حتى يصل إلى خط النهاية ، ولكنه توقف ، وعندما وصلت السلحفاة و لما لها من قدرة على السباحة دخلت المياه وخرجت إلى الضفة الأخرى وإستمرت في السير حتى وصلت نهاية السباق بينما الأرنب ظل في مكانه، القصة لم تنته بعد ولكن نستنتج أنك عندما تعرف قدراتك وإمكاناتك تستطيع أن تحدد الميدان المناسب لك ، ركز دائما على المجال الذي يناسب ما لديك من قدرات حتى تبدع.
فكر الأرنب والسلحفاة ان يكون السباق والمنافسة بطريقة مختلفة، يكون السباق قائم على التعاون بدلا من الصراع ، وأن يكون السباق كفريق عمل. عندما بدأ السباق حمل الأرنب السلحفاة على ظهره حتى شاطىء النهر ، وحملته السحلفاه على ظهر داخل النهر وعند الضفة الأخرى حملها الأرنب على ظهرة مرة آخرى حتى وصل إلى خط النهاية، نستنتج أنه من الجميل أن يكون لكل منا مهارات فردية ولكن تجميعها معا و العمل كفريق يحقق أداء أفضل من العمل بصفة فردية.
العمل بروح الفريق هو الطريق لرفع الكفاءة وتحسين وتطوير العمل، لأن الإنسان مهما امتلك من أفكار ومهارات تظل محدودة مقارنة بأفكار الآخرين، فتبادل الأفكار يساهم في تعميقها وتطويرها وإمكانية تنفيذها، ويجب أن نتذكر الحكمة التي تقول نصف عقلك عند أخيك.
في دراسة أجريت على عدد من المنظمات الامريكية للتعرف على مدى تأثير فريق العمل على الأفراد والإدارة والمنظمة ككل، توصلت الدراسة إلى شعور الأطراف الثلاثة بتطورات وتحسينات كان من أهمها:
• 76% يرون أن فريق العمل أدى إلى تحسين معنويات أفراد الفريق
• 62% شعروا بأن فريق العمل أدى إلى رفع وتحسين معنويات الإدارة العليا
• 90% ذكر بأن فريق العمل أدى إلى تحسين الجودة للسلع والخدمات
• 80% أجاب بأن فريق العمل ساهم بشكل بارز وفعال في زيادة الأرباح
• 81% أجاب بأن فريق العمل أدى إلى تحسين واضح في الإنتاجية

ما هى مؤشرات الحاجة إلى بناء فرق العمل؟
• ارتفاع مستوى الهدر في موارد ومخرجات المنظمة.
• مظاهر الصراع والعداء بين أفراد المنظمة.
• عدم مشاركة المعلومات مع الآخرين، واعتبار المعلومة قوة.
• عدم وضوح المهام والعلاقات.
• زيادة شكاوى المستفيدين من الخدمة، أو المستهلكين للمنتجات.
• عدم فاعلية الاجتماعات وضعف روح المبادرة والإبداع.

دورة حياة فريق العمل
المرحلة الأولى: تشكيل الفريق
يتم تحديد الأهداف المطلوب تحقيقها، وطبيعة مهام الفريق، والتقنيات اللازمة لتحقيق الأهداف، وفي هذه المرحلة يتعرف الأعضاء بعضهم البعض وتكوين الإنطباعات. وحتى يكون الفريق أكثر نجاحاً فإن العضوية فيه يجب أن تأتي عن طريق الدعوة للانضمام إلى الفريق وليس التعيين،
المرحلة الثانية: مرحلة العاصفة
مرحلة ظهور الصراعات والخلافات المعارضة لأداء المهام بين أعضاء الفريق، في هذه المرحلة يحاول كل عضو في الفريق ان يظهر أداءه وأسلوبه وشخصيته ويزداد عدم الانسجام بين الأعضاء مما يدعو إلى تدخل القائد لإيجاد سبل لإزالة الصراعات والوقاية منها، وضرورة إيجاد التعاون المتبادل.
المرحلة الثالث: المعيارية
في هذه المرحلة يتم تحديد المعايير والقيم التنظيمية لضبط العلاقات وأسلوب وطريقة تعامل أعضاء الفريق ، ويزاد الشعور بين اعضاء الفريق بالتماسك ، وتظهر الثقة بشكل واضح بين أعضاء الفريق.
المرحلة الرابعة: الأداء
تكون الأدوار في هذه المرحلة واضحة ومحددة لكل عضو من أعضاء الفريق مما يساعد الفريق على أداء المهام المنوطة به، ويتم التركيز في هذه المرحلة على حل المشكلات واتخاذ القرارات.
المرحلة الخامسة: انتهاء الفريق
وهى المرحلة التي يحقق فيها الفريق الأهداف التي جاء من اجلها، وفي هذه المرحلة يتم اتخاذ القرار بإنهاء أعمال الفريق لتحقيقه الهدف الذي قام من أجلة
أخطاء في فرق العمل يجب أخذها في الإعتبار:
الخطأ الأول:
تحديد قائد الفريق والأعضاء دون أخذ رأى قائد الفريق، وهذا يسبب مشكلات كثيرة لأنه عندما يفرض على قائد الفريق أعضاء غير متوافقين معه، فإن هذا يسبب ضعف أداء الفريق، ولعلاج هذه الجزئية يجب أن يتم تحديد قائد الفريق أولا، ثم إعطائه الصلاحيات لإختيار أعضاء الفريق الذين يعملون معه على ان يكونوا ممثلين للفريق بما يحقق الهدف الذي جاء من أجله.
الخطأ الثاني:
إعتقاد البعض أن العمل بروح الفريق وجود الجميع لحظة بلحظة معا في العمل الذي يقومون به وفي نفس المكان ، وهذا يؤدى إلى تشتيت عمل الفريق وضياع الوقت، ولكن الأفضل أن يكون لكل عضو في الفريق مهمة محددة يقوم بها ويجتمعون فقط لمناقشتها وتحليلها.
الخطأ الثالث:
عدم قدرة قائد الفريق على إدارة الصراع أثناء عقد جلسات الفريق، وهذا يؤدى إلى صراعات كبيرة داخل الفريق وضياع للوقت وعدم الوصول إلى تحقيق أهداف الفريق، وعلى قائد الفريق أن يكون لديه القدرة على إدارة الاختلاف داخل الفريق.
زفي ختام هذه السطور يتضح أن العمل الجماعي بالمفهوم العلمي الذي يعتمد على أفراد بينهم التبادل الفكري والثقافي وتكوين الفريق على أساس الفكر التوافقي يساهم بشكل كبير من تحقيق الأهداف بدلا من الاعتماد على العمل الفردي الذي يؤدي إلى السيطرة والبعد عن العمل المؤسسي.

Author: د. عبدالرحيم محمد عبدالرحيم

دكتور عبدالرحيم محمد عبدالرحيم استشاري التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي والتدريب عضو هيئة تدريس (منتدب) – كلية المجتمع – دولة قطر drabdo68@yahoo.com www.dr-ama.com

Share This Post On