مستقبل المنظمات والصراع بين الإنسان والآلة
دكتور
عبدالرحيم محمد
مستشار التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي
أستاذ الادارة العامة المساعد – كلية المجتمع
يمثل التطور الكبير في المجال التكنولوجي ضغوطا على المنظمات والعنصر البشري ، فكما نلاحظ أن هناك اعتماد كبير على استخدام أجهزة الريبوت في مختلف المنظمات سواء كانت صناعية أو خدمية، هذا التوجه أصبح يثير العديد من التساؤلات ، هل المستقبل سيسطر عليه الانسان أم تسيطر عليه الآلة؟، أم ستظل الشراكة العالية بطريقة متوازنة؟، وما هى الطريقة للتعامل مع هذا المستقبل؟ .
من مراجعة تاريخ العمل بالمنظمات نجد أن هناك علاقة قوية في المنافسة بين العنصر البشري و التكنولوجيا وخاصة في ما يتعلق باستخدام الآلة في الانتاج، و نلاحظ أن التكنولوجيا دائما ما تفرض نفسها، ومن المعروف أن استخدام التكنولوجيا يعني تقليل الاعتماد على العنصر البشري، وهذا يتطلب تقييم الواقع الحالي والاستشراف في المستقبل لتقليل هذه الآثار الناتجة عن قوة التكنولوجيا وأهمية استخدمها في العمل، مما لاشك فيه أن التكنولوجيا سيكون لها تاثير على طبيعة الوظائف ونوعيتها ، ومن المتوقع أنه في المستقبل ستكون كل الصناعات والخدمات تعتمد على وظائف كثيفة التكنولوجيا بدرجة عالية وليس كثيفة العنصر البشري، وهذا يتطلب التركيز في التعليم على التخصصات التكنولوجيه الدقيقة التي تساعد في اعداد كواد تساهم في تطوير التكنولوجيا المتقدمة والمسيطرة وفي نفس الوقت التقليل من الوظائف التي ربما يكون الطلب عليها قليل ، وربما لا تكون مطلوبة على الاطلاق. وبالتالي على الدول التي لديها أعداد كبيرة من السكان وتمتلك طاقة بشرية هائلة فهى تحتاج إلى تطوير نظم التعليم بما يتناسب مع متطلبات العصر ، وعليها التركيز على الوظائف التخصصية في المجالات التكنولوجية الحديثة ليس فقط للعمل داخل الدولة، ولكن للعمل في الخارج ، من المتوقع أن يعاني العالم من نقص شديد في هذه التخصصات وخاصة في الدول التي ليست لديها قوة بشرية كبيرة، هذه الدول سوف تعتمد بشكل كبير على هذه التخصصات، وهذا هو الاستثمار في رأس المال البشري، هذه العناصر المؤهلة والمتخصصة في التكنولوجيا الدقيقة في حالة بقاءة داخل الدولة ستكون مصدرا مهما لإنتاج تكنولوجيا جديدة وتعمل الدولة على تصديرها للخارج، وفي حالة خروجها خارج الدولة ستكون مصدرا داعما لإقتصاد الدولة لما توفره عائد يحسن المستوى الاقتصادي.
فالطريق الوحيد هو التركيز على تطوير منظومتي التعليم والتدريب لإعداد الكوادر التي تتناسب ومعطيات العصر الذي يتميز بسرعة التغيير والتركيز على المعايير النوعية أكثر من التركيز على المعايير الكمية. وبالتالي هذا يحقق التوازن لأن من المستحيل الاستغناء على الانسان لأنه صانع التكنولوجيا.
المقالة هنا المستقبل والصراع بين الإنسان والآلة