الرغبة في التطوير ورفض التغيير “قراءة في تجربة تطوير التعليم ما قبل الجامعي في مصر”

الرغبة في التطوير ورفض التغيير

“قراءة في تجربة تطوير التعليم ما قبل الجامعي في مصر”

دكتور

عبدالرحيم محمد

استشاري التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي

أستاذ الإدارة العامة المساعد كلية المجتمع

drabdo68@yahoo.com

التغيير هو التحول من حالة إلى حالة أخرى  من المفترض أن تكون الأفضل، والتغيير هو الثابت الوحيد في الحباة لأن كل شيء في الدنيا يتغير  ولا شيء ثابت إلا التغير نفسة.  وهناك فرق بين التغيير والتغير، فالتغيير هو الحالة المطلوب التحول إليها أما التغير هو إرادة التغيير. والتغيير يبدأ من الداخل إلى الخارج وليس من الخارج إلى الداخل، والقاعدة الأساسية في التغيير هى ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”.

الكثير ينظر إلى التغيير والتطوير على أنهما وجهان لعملة واحد، ولكن هناك فرق بينهما، فالتغيير عبارة عن وسيلة أما التطوير فهو الهدف. فإذا أردنا تطوير شيء ما فنحن في حاجة إلى اجراء تغييرات في كافة العناصر المرتبطة بهذا الهدف حتى  يمكن تحقيق هذا التطوير والوصول إلى الهدف.

وبالنظر إلى تجربة جمهورية مصر العربية في مجال تطوير التعليم ما قبل الجامعي ( ما قبل المدرسة، المرحلة الابتدائية ، المرحلة الاعدادية، المرحلة الثانوية)  نجد أنها فكرة عالمية ومتميزة وفي حال الاستمرار في تطبيقها ستحقق نتائج ايجابية. من المعروف في التطوير وخاصة في مجال التعليم أن النتائج لا تتحقق بسرعة، وأن المتوقع أن  لا يكون  النجاح دائما بنسبة مائة بالمائة، فالتعليم نتائجة تظهر على المدى البعيد  وليس القريب  وخاصة في دولة مثل مصر عدد الطلاب بالملايين ، وامكانيات محدودة وثقافة مجتمع مختلفة في نظرتها للتعليم، ومعاناة التعليم من مشكلات كثيرة مر بها عبر سنوات طويلة من أفكار تطوير طبقت ولم تحقق النجاح المطلوب. ولكن الوضع الحالي الذي استفاد من التجارب العالمية في التعليم هواستخدام وتطبيق  أحدث ما يطبق عالميا، والذي  حقق  نجاحات كبيرة ولكن بشكل تدريجي، فأى تجربة تطوير دائما تواجه بالكثير من التحديات من هذه التحديات في مصر: الأول: تحدي الثقافة نظرا للإختلاف بين الناس من حيث نسب التعليم والمستوى الفكري  ونظرتهم لموضوع التطوير وعدم إدراكهم للأسس التي تم الاعتماد عليها في التطوير وعدم اطلاعهم على التجارب العالمية.  التحدي الثاني هو الخوف من التغيير، وهذا ما جعل الكثير من الناس تعارض وتنتقد وتهاجم هذا المشروع بدون دراسة كافية لأبعادة  ومنهم مثقفون وعاملون في مجال التعليم، وذلك نظرا لأن الإنسان بطبيعته عدو ما يجهل، ونظرا للتغيير الشامل في طرق التدريس  ووسائل التقويم، وبالتالي هذه التجربة الجديدة  تواجهها مقاومة شديدة للتغيير. التحدي الثالث هو  الاتجاهات التي يتبناها البعض ضد الدولة تجعلهم يروجون لأفكار غير حقيقية مستخدمين وسائل التواصل الحديثة في تشكيل رأي عام ضد هذه المنظومة، ومستغلين من يخافون من  التغيير  وأصحاب المستويات الثقافية البسيطة والعمل على ترويج فكرة فشل هذا النظام، وعدم ملائمته للوضع في مصر.

المشكلة التي نواجهها في مصر أننا نريد التطوير ولكن بنفس معطيات الماضي، وهذا لن يحقق الهدف. فالتطوير له معطياته ومتطلباته التي تحتلف طبقا للهدف من التطوير. فطرق واساليب التدريس التي كانت في الماضي والتي اشتكى الناس منها ومن تردى التعليم ، من المستحيل أن يتم استخدمها في المنظومة الجديدة، فنرى الناس تهاجم الإختبارات الإلكترونية ونظم التدريس الحديثة وكل الأساليب المستخدمة في التدريس والتقويم، وفي نفس الوقت يريدون التطوير. الكثير لا يدرك أن نمط التعليم القديم اصبح غير متوافق مع المتغيرات العالمية  بل أنه أصبح من الماضي، وأن الوظائف الموجودة الآن سوف تختفي في المستقبل، وان أسلوب الحفظ والتلقين أنتهى ولم يعد لهما مكان الآن. يجب أن يدرك الجميع أن  المنظومة الحالية منظومة متميزة-  هذا من خلال الاطلاع على نماذج عالمية كثيرة ، منها ما هو مطبق في بعض الدول العربية في المدارس الدولية-  تحتاج إلى دعم وصبر  وانتظار للنتائج.  قد يكون النظام الجديد به بعض القصور وهذا امرا طبيعيا وبالاطلاع على التجارب العالمية نجد أنها واجهت الكثير من التحديات في بداية التطبيق،  وبالتالي تحقيق النجاح الجزئي والتدريجي أفضل من البقاء في نظام قديم لا يحقق أى خطوة للأمام.

يجب أن نعلم أن الدول التي سيكون لها الريادة والسيطرة في المستقبل هى الدول التي تمتلك رأس المال  الفكري، والمتمثل فيما لديها من كفاءات بشرية قادرة على الابداع  الابتكار  واضافة القيمة، ولا يمكن تحقيق رأس المال الفكري بنمط التعليم التقليدي القديم ولكن من خلال نمط حديث يحقق الريادة والتميز. وأن   راس المال الفكري يتمثل في الأفكار التي تستخدم في تقديم منتجات وخدمات جديدة أو تصدير الأفكار ذاتها للخارج من خلال العنصر البشري نفسه في دول اخرى وهذا يمثل قوة مؤثرة ومكانة عالمية.

يمكن الحصول على نسنخة من المقالة من هنا الرغبة في التطوير ورفض التغيير

Author: د. عبدالرحيم محمد عبدالرحيم

دكتور عبدالرحيم محمد عبدالرحيم استشاري التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي والتدريب عضو هيئة تدريس (منتدب) – كلية المجتمع – دولة قطر drabdo68@yahoo.com www.dr-ama.com

Share This Post On