الاتجاهات الحديثة في ثقافة المؤسسات
دكتور
عبدالرحيم محمد
مستشار التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي
عضو هيئة تدريس (منتدب) كلية التجارة والأعمال – جامعة لوسيل
تعتبر ثقافة المؤسسة العمود الفقري في أي منظمة ناجحة، فالثقافة التنظيمية هي التي تشكل شخصيتها وقيمها وسلوكياتها. وفي السنوات الأخيرة ظهرت الكثير من التوجهات الحديثة التي كانت نتيجة التطورات التي جعلت المنظمات تعمg في بيئة متقلبة واهم هذه الاتجاهات هي التركيز على الابتكار، والتوجه نحو الاندماج والتركيز على القدرة على التكيف.
فالاتجاه الأول وهو الابتكار، أصبح الابتكار متداول بشكل كبير في عالم الأعمال، نظرا لنه الأساس في إضافة القيمة والميزة النسبية للمنظمة، وتحسين سمعتها المؤسسية واستمرارها في السوق، وتدرك المؤسسات الحديثة أنها يجب أن تعزز ثقافة تشجع الابتكار ومكافأة المتميزين أصحاب الأفكار الابتكارية على جميع المستويات لبقاء المنظمة وجعلها قادرة على المنافسة. وهذا يتطلب من القائمين على المنظمة خلق بيئة يشعر فيها الموظفون بالتمكين والقدرة على الابداع ، وتحمل المخاطر، وتجريب الأفكار الجديدة. فعلى سبيل المثال شركات مثل Google و Apple اصبح اسمها مرادف للإبتكار، ليس فقط بسبب منتجاتها الرائدة، ولكن أيضا بسبب ثقافاتها الابتكارية. وتشجع هذه الشركات الموظفين على قضاء نسبة معينة من وقتهم في مشاريعهم الشخصية، مما يعزز ثقافة الإبداع والتجريب التي أدت إلى الكثير من الابتكارات الرائدة والتي ساهمت في تصدر هذه الشركات قمة الشركات الناجحة.
أما بالنسبة للاندماج، أصبح الاندماج اهتماما رئيسيًا للمنظمات الحديثة، نتيجة للوعي المتزايد بأهمية التنوع في مكان العمل. وتقدر الثقافات الاندماجية الاختلافات بين الموظفين، مدركة أن وجهات النظر المتنوعة تؤدي إلى اتخاذ قرارات أفضل.
وتعتبر مبادرات التنوع والاندماج في الوقت الحاضر أولوية لدى المؤسسات، ليس فقط كواجب أخلاقي، ولكن أيضا كميزة استراتيجية. على سبيل المثال قامت شركات مثل Microsoft و Salesforce بالاستثمار بشكل كبير في خلق ثقافات أكثر اندماجًا، مما أسفر عن زيادة التفاعل بين الموظفين، وتحسين الأداء، وتعزيز سمعتها في السوق.
أما بالنسبة للقدرة على التكيف، كما هو واضح أن بيئة الأعمال سريعة التغير التي نعيش فيها اليوم، تجعل القدرة على التكيف أمرا ضروريا للبقاء والاستمرار في السوق. فالمنظمات الحديثة تركز على مبادئ الكفاءة، التي تؤكد على المرونة والاستجابة والقدرة على التكيف بسرعة مع التغيير. وهذا يعني تمكين الفرق من اتخاذ القرارات بشكل مستقل، وتبني ثقافة العمل المستمر على تحسين الأداء. على سبيل المثال أصبحت شركات مثل Amazon و Netflix من أهم الشركات في القدرة على التكيف حيث يبتكرون ويتكيفون باستمرار لتلبية احتياجات العملاء المتغيرة. وهذه الشركات تعطي ثقافاتها أولوية للسرعة والقدرة على التكيف، مما يتيح لها البقاء في المقدمة في الأسواق المتطورة بسرعة.
وبالتالي يتضح أن تبني هذه الاتجاهات الحديثة المتمثلة في التركيز على الابتكار والاندماج والقدرة على التكيف هي الشركات التي تكون أكثر قدرة على الازدهار في بيئة العمل المعقدة والديناميكية والسيطرة على السوق وتحقيق الميزة التنافسية. وبالتالي يجب على المؤسسات أن تعمل بشكل مستمر على قياس الثقافة التنظيمية ومعرفة الوضع الراهن والوضع المرغوب والعمل على تطويرها بشكل مستمر.
الحصول على المقالة من هنا الاتجاهات الحديثة في ثقافة المؤسسات