صناعة الذات وسياسة التمرد عليها

 

صناعة الذات وسياسة التمرد  عليها

 

دكتور

عبدالرحيم محمد

استشاري التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي

drabdo68@yahoo.com

 

صناعة الذات من اسرار النجاح عند الانسان فالبشر في هذا العالم بحاجة ماسة إلى بناء الشخصية الذاتية وإلى إيجاد عوامل كثيرة لتطورها مع متطلبات هذا العصر الذي نعيشه بأحزانه المؤلمة وأفراحه المترعة بحب الانسان لاخيه الانسان ، ولقد توصل أهل الاختصاص إلى عادات تمثل المبادئ الأساسية للنجاح والفعالية اذ استطاع الفرد أن يكتسبها فإنه يخلع بازائها من نفسه عادات سلبية تمثل في مجموعها المعوقات التي تعيق سيره في طريق الحصول على الشخصية الفعالة القادرة على إدارة ذاتها وتحقيق أهدافها .

صناعة الذات مصطلح يثير تساؤلات ، اهمها هل الإنسان يصنع ذاته؟ هل الذات تصنع؟ هل  كلمة الصناع تتفق مع كلمة الذات وخاصة ان الصناعة ترتبط في مفهومنا بالأشياء غير العالقة،  هذه التساؤلات وغيرها  تجيب عليها هذه ا لسطور ، فصناعة الذات كما يعرفها يعرف  الأستاذ مريد الكلاب فى كتابه "صناعة الذات" هي الفكرة التي تحدونا نحو هدف نسعى إليه بعزيمتنا , و نعرف أننا حقّقنا نجاحنا إذا استطعنا أن نصل إلى ما نريد .. إلى ذلك الهدف .. إلى ذلك النجاح. ويعرض الكتاب قصة توضح هذا المفهوم وهي قصة  الشاب اليباني  تاكيو اوساهيرا ذلك الشاب الذى خرج من اليابان مسافراً مع بعثةٍ تحوي مجموعة من أصحابه و أقرانه متجهين إلى ألمانيا ,وكان يحلم بأن يصنع محرك يحمل شعار صُنع في اليابان , وبدأ يعمل بجد وإجتهاد لسنوات،  وكان أساتذته الألمان يوحون إليه بأن نجاحه الحقيقي هو الحصول  على شهادة الدكتوراه في هندسة الميكانيكا , ولكنه كان يرى أن نجاحه الحقيقى  فى صناعة المحرك.  ورغم أنه أنهى دراسته إلا أنه لم يستطع فك رمز المحرك، ومن هنا أطلق لخياله العنان   وإتخذا قرارا لإكتشاف المحرك.

 وذهب لحضور معرض للمحركات الإيطالية و  اشترى محرك بكل ما يملكه من نقوده , أخذ المحرك إلى غرفته , بدأ يفكك قطع المحرك قطعةً قطعة , بدأ يرسم كل قطعة يفكِّكها و يحاول أن يفهم لماذا وُضعت في هذا المكان وليس في غيره , بعد ما انتهى من تفكيك المحرك قطعة قطعة , بدأ بتجميعه مرة أخرى , استغرقت العملية ثلاثة أيام , ثلاثة أيام من العمل المتواصل  و في اليوم الثالث استطاع أن يعيد تركيب المحرك و أن يعيد تشغيله مرة أخرى , وذهب إلي أستاذه وأخبره أنه إستطاع أن يشغل المحرك بعد إعادة تجميعه لكن أستاذه قاله له  لم تنجح بعد  فالنجاح الحقيقي هو أن تأخذ هذا المحرك , و أعطاه محرك آخر : هذا المحرك لا يعمل , إذا استطعت أن تعيد إصلاح هذا المحرك فقد استطعت أن تفهم اللغز, أخذ المحرك الجديد   إنه يحتضن الهدف , وراح يمضي بعزيمة , دخل إلى غرفته , بدأ يفكك المحرك من جديد , و بنفس الطريقة , قطعة قطعة , بدأ يعمل على إعادة تجميع ذلك  المحرك , اكتشف الخلل , قطعة من قطع المحرك تحتاج إلى إعادة صهر و تكوين من جديد , فكر أنه إذا أراد أن يتعلم صناعة المحركات فلا بد أن يدرس كعاملٍ بسيط , كيف يمكن لنا أن نقوم بعملية صهر و تكوين و تصنيع القطع الصغيرة حتى نستطيع من خلالها أن نصنع المحرك الكبير .

عمل سريعاً على تجميع باقي القطع بعد أن اكتشف الخلل و استطاع أن يصلح القطعة , ركب المحرك من جديد , بعد عشرة أيام من العمل المتواصل ,   في اليوم العاشر , طربت أذنه بسماع صوت المحرك و هو يعمل من جديد , حمل المحرك سريعاً و ذهب إلى رئيس البعثة: الآن نجحت , الآن سألبس بدلة العامل البسيط و أتّجه لكي أتعلم في مصانع صهر المعادن , كيف يمكن لنا أن نصنع القطع الصغيرة , هذا هو الحلم , وتلك هي العزيمة , بعدما نجح رجع ذلك الشاب إلى اليابان , تلقّى مباشرة رسالة من إمبراطور اليابان , وكانوا ينظرون إليه بتقديس و تقدير , رسالة من إمبراطور اليابان ! ماذا يريد فيها ؟ : أريد لقاءك و مقابلتك شخصياً على جهدك الرائع و شكرك على ما قمت به . رد على الرسالة  : لا زلت حتى الآن لا أستحق أن أحظى بكل ذلك التقدير و أن أحظى بكل ذلك الشرف , حتى الآن أنا لم أنجح , بعد تلك الرسالة , بدأ يعمل من جديد , يعمل في اليابان , عمل تسع سنوات أخرى بالإضافة إلى تسع سنوات ماضية قضاها في ألمانيا , كم المجموع ؟ أمضى تسع سنوات جديدة من العمل المتواصل استطاع بعدها أن يحمل عشرة محركات صُنعت  في اليابان , حملها إلى قصر الإمبراطور الياباني, وقال : الآن نجحت , عندما استمع إليها الإمبراطور الياباني و هي تعمل تَهلّل وجهه فرحاً , هذه أجمل معزوفة سمعتها  في حياتي , صوت محركات يابانية الصّنع مئة بالمئة , الآن نجح تاكيو اوساهيرا , الآن استطاع أن يصنع ذاته عندما حَوّل الفكرة التي حلّقت في خياله من خلال عزيمته إلى هدف يراه بعينيه و يخطو إليه يوماً بعد يوم .

صناعة الذات تحتاج الخروج من البئر:

في يوم من الأيام حصان في بئر  ,وعندما جاء صاحب الحصان وحاول التفكير في إخراح الحصان من  البئر فوجد هناك صعوبة فى ذلك ، فقرر دفن هذا في البئر وخاصة ان الحصان كبير فى السن ، فبدأ يرمى علية الرمل ، وعندما شعر الحصان بهذا إستفاد من الموقف وبدأ وبدأ ينفض التراب من فوقه حتى يستقر تحت رجليه وشيئا فشيئا حتى وصل الحصال علي السطح مما أدهش صاحبة من حكمته. والمقصود هنا أن لا نستسلم لهموم وضغوط  الحياه بل علينا أن نتعداها حتى نصل إلى ما نريد فكل مشكلة تواجهنا فى حياتنا هي حفنة رمل يجب أن نتخلص منها لأن تراكمها لن يمكنا من تحقيق ذاتنا.

 
 الإصغاء محور مهم فى صناعة الذات:

وهذه القصة تبين المعنى المقصود  قام ثلاثة من الطيور بزيارة حمامة معروفة بالحكمة وطلبوا منها ان تعلمه كيف يبنوا عشا مثل عشها، قالت الحمامة لهم تعالوا معي وأسمعو لي جيدا وسوف أعلمكم كيفية بناء العش وعندما تناولت عصنا من الشجر   صاح الطائر الأول  إنني أعرف ذلك كلــه ، ثم  طار مسرعا وكان ذلك هو كل ماتعلمه عن بــــناء العـــش .ثم تناولت  الحمــامه غصنا أخر فصاح الطائر الثاني : هكذا يبني العش بالأغصان   إنني أعرف ذلك كله ولم يلبث أن طار مسرعا وكان ذلك كل ما تعلمه عن بنــاء العش .. وبعد ذلك وضعت الحمامه  ريشا وأوراقا بين الأغصان فصاح الطائر الثالث ( لقد رأيت ما يكفي والآن سأذهب طار مسرعا وكان ذلك كل ماتعلمه عن بنــاء العــــش تعجبت الحمامه من تصرفات الطيور الثلاثة قائلــة : كيف يمكن لــي أن أعلـــم هذة الطيور الثلاثة الغبية بنـــاء أعشاشها إذا كانت لا تملك القدرة على الأصغاء.

Author: د. عبدالرحيم محمد عبدالرحيم

دكتور عبدالرحيم محمد عبدالرحيم استشاري التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي والتدريب عضو هيئة تدريس (منتدب) – كلية المجتمع – دولة قطر drabdo68@yahoo.com www.dr-ama.com

Share This Post On