قراءة في كتاب “أكثر إنسانية: كيف يمكن لقوة الذكاء الاصطناعي أن تحول أسلوبك في القيادة”

قراءة في كتاب  “أكثر إنسانية: كيف يمكن لقوة الذكاء الاصطناعي أن تحول أسلوبك في القيادة

دكتور

عبدالرحيم محمد

مستشار التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي

عضو  هيئة تدريس (منتدب) جامعة لوسيل

drabdo68@yahoo.com

في عصر يشهد تطورا متسارعا للذكاء الاصطناعي، يطرح التساؤل الأهم حول ما إذا كانت هذه التكنولوجيا ستسهم في تقليل الطابع الإنساني في العمل أم أنها ستكون أداة لتعزيزه. هذه الموضوع تم طرحة في كتاب More Human: How the Power of AI Can Transform the Way You Lead، قام  بكتابته  المؤلفان  راسموس هوغارد وجاكلين كارتر ويطرح  رؤية مغايرة لما هو شائع حول تأثير الذكاء الاصطناعي على القيادة. فبدلا من اعتباره تهديدا قد يؤدي إلى تقليص دور القادة ، يناقش الكتاب كيف يمكن لهذه التقنية أن تجعل القادة أكثر إنسانية وقدرة على تعزيز بيئات العمل القائمة على الوعي والحكمة والتعاطف.

ينطلق الكتاب من فرضية أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة لتحسين الإنتاجية أو خفض التكاليف، بل هو وسيلة لإعادة تشكيل دور القادة داخل مؤسساتهم. ويوضح المؤلفان أن الاستخدام المدروس للذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد القادة على التخلص من المهام الروتينية والتركيز بشكل أكبر على بناء العلاقات وتعزيز بيئات العمل الإبداعية. بدلا من أن يكون الذكاء الاصطناعي بديلا عن القادة، يمكن أن يكون شريكا يعزز مهاراتهم القيادية ويجعل قراراتهم أكثر ذكاء ودقة.

استند المؤلفان في كتابهما إلى مقابلات مع أكثر من 100 من الرؤساء و المديرين التنفيذيين في مختلف الصناعات، بالإضافة إلى استشارات مع كبار خبراء الذكاء الاصطناعي. كما اعتمدا على تحليل بيئات العمل الحديثة لفهم كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورا إيجابيا في تعزيز القيادة. ومن خلال هذه الأبحاث، توصلا إلى أن القادة الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي بذكاء لا يصبحون فقط أكثر كفاءة، بل أيضا أكثر وعيا وحكمة وتعاطفا، وهي ثلاث ركائز أساسية للقيادة الفعالة.

يبرز الكتاب كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون أداة لتعزيز الصفات القيادية الجوهرية، حيث يساعد في تحسين عملية اتخاذ القرار من خلال تقديم تحليلات دقيقة وسريعة للبيانات، مما يمكن القادة من اتخاذ قرارات أكثر وعيا واستنادا إلى الأدلة، كما يتيح القدرة على التنبؤ بالاتجاهات المستقبلية مما يسهم في التخطيط الاستراتيجي الفعال. علاوة على ذلك، يسهم في تعزيز العلاقات الإنسانية داخل فرق العمل، حيث يؤدي تفويض المهام الروتينية إلى الذكاء الاصطناعي إلى منح القادة فرصة للتركيز على بناء بيئات عمل أكثر تفاعلية وتحفيزا. كما يتيح إطلاق العنان للإبداع والابتكار، إذ يمكن للقادة استثمار وقتهم في تطوير رؤى جديدة واستكشاف فرص جديدة للنمو والتطوير.

يقدم الكتاب منظورا جديدا حول كيفية تعامل القادة مع التكنولوجيا في العصر الرقمي، حيث لا يدعو إلى مقاومة الذكاء الاصطناعي أو الخوف منه، بل يؤكد أن القادة الناجحين في المستقبل سيكونون أولئك الذين يعرفون كيف يدمجون الذكاء الاصطناعي في أعمالهم بطريقة تعزز العنصر البشري بدلا من إلغائه.

ويعد هذا الكتاب دليلا عمليا لأي قائد يسعى لفهم كيفية التكيف مع الذكاء الاصطناعي واستثماره لتعزيز القيادة الفعالة. إنه لا يتحدث فقط عن التكنولوجيا، بل عن كيفية جعل الذكاء الاصطناعي وسيلة لتعزيز القيم الإنسانية الأساسية في عالم الأعمال، من خلال التركيز على الوعي والحكمة والتعاطف، وهي العوامل التي تشكل جوهر القيادة الحقيقية.

المقالة من هنا  أكثر انسانية

Author: د. عبدالرحيم محمد عبدالرحيم

دكتور عبدالرحيم محمد عبدالرحيم استشاري التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي والتدريب عضو هيئة تدريس (منتدب) – كلية المجتمع – دولة قطر drabdo68@yahoo.com www.dr-ama.com

Share This Post On

جرّب الإصدار الجديد للموقع الرسمي للدكتور عبدالرحيم محمد

X