منظومة الاختيار والتعيين
دكتور
عبدالرحيم محمد
استشاري التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي
أستاذ الإدارة العامة المساعد – كلية المجتمع
تعتبر منظومة الاختيار والتعيين من الركائز التي تساهم في تطوير المنظمة، فمصطلح التوظيف يشمل الاختيار والتعيين ، وبالتالي يجب العمل على تطويرها وتحسينها بما يتناسب مع المتغيرات الحالية، فهذه المنظومة تغيرت هذه الأيام لتأخذ شكلا مختلفا ، و يجب على المؤسسات لكي تحقق النهوض بالعنصر البشري أن تكون خطواتها الأولى هى الخروج من النظم التقليدية في الاختيار والتعيين والتي تعتمد فقط على السيرة الذاتية والمقابلات ، يجب أن يضاف إلى هذه الأمور اختبارات التوظيف أو ما تسمي اختبارات التقييم، وتعتمد الكثير من المنظمات على ما يسمي بمراكز التقييم وهى تتضمن اختبارات معينة تختلف حسب نوع الوظيفية ، تتراوح ما بين المهارات حتى الاختبارات النفسية، حتى تضمن ان المتقدم للوظيفة يمكن أن يحقق قيمة مضافة، و الكثير من المنظمات الآن تعتمد على الاختبارات النفسية قبل تعيين الموظفين ، لأن الموظف قد يمتلك كافة المهارات ولكن لديه بعض الأمراض النفسية او الإضرابات التي تؤثر على المنظمة وتسبب لها الكثير من الكوارث، على سبيل المثال خلال السنوات الماضية، عندما اصطدمت الطائرة الألمانية بجبل في فرنسا ومات قائدها وجميع من فيها، على الرغم من أن الطيار على درجة عالية من الكفاءة والتدريب ، ولكن البحث في أسباب الاصطدام بالجبل أثبت أن السبب لم يكن ضعفا في مهارات الطيار ولكن المشكلة ان هذا الطيار زار الطبيب النفسي عشر مرات في الست الشهور الأخيرة التي سبقت الحادث ولم يبلغ الطبيب الشركة بهذه الزيارات ،انطلاقا من ان هذه أسرار طبيبة ولم تكن الشركة على علم بهذا ، فعلى الرغم من كفاءة الطيار إلا أن عدم توقيع الكشف الطبي عليه تسبب في كارثة.
عملية الاختيار والتعيين أصبحت الآن منظومة معقدة ومترابطة لا تركز فقط على مجرد اختيار عنصر بشري لسد الشواغر ولكنها منهجية لاختيار كفاءات هدفها تطوير العمل، فالعنصر البشري هو عائد وتكلفة، بعبارة أخرى المؤسسة تدفع تكاليف ورواتب للعنصر البشري ولهذا يجب أن يكون العنصر البشري على كفاءة تتناسب مع التكلفة. فاختيار موظف بطريقة خاطئة يحمل المنظمة تكاليف الاختيار والتعيين ورواتب لفترة قد تكون سنة أو أكثر وهى فترة الاختبار ، هذه تعتبر تكاليف على المنظمة، وبالتالي يجب أن يكون هناك تركيز على اختيار العنصر البشري بحيث يراعي فيه الدقة في عملية الاختيار . ويجب أن لا تكون عملية التعيين في المنظمة هي المرحلة النهائية للموظف، ولكن يجب أن تبدا مرحلة أخرى متصلة وهى مرحلة التدريب للمحافظة على رأس المال الفكري ، فهناك علاقة بين التدريب ورأس المال الفكري، لأن غياب التدريب والتطوير يمكن ان يؤدي إلى تقام المعرفة عند الموظف وبالتالي يؤثر على كفائتة المعرفية والانتاجية، ويمكن أن يكون غياب التدريب وسيلة لهروب رأس المال الفكري من المنظمة بحثا عن أماكن أخرى يجد فيها تحديات تحقق طموحاته، فالعملية التدريبية مهمة جدا لضمان الحفاظ على رأس المال الفكري لأنها توفر له المعلومات الحديثة ، وتساهم في صقل مهاراته، وتعدل القناعات وفي نفس الوقت تعمل على تغيير السلوك لدى الموظف ، كل هذه الأمور تنعكس بشكل إيجابي على أداء الموظف وزيادة الطاقة الإنتاجية للمنظمة، وسمعتها وتواجدها في السوق.
ويشير نيقولاي ميكافيلي في كتابه “فن الحرب” وهو يتحدث عن الانتقاء او ما يسمى حاليا التجنيد ، ان البلاد التي تتميز بالمناخ ذو الحرارة العالية تنتج رجالا يتميزون بالفطنة والذكاء ولكنهم ليسوا شجعان، والمناطق الباردة معظم سكانها أقوياء وشجعان ولكنهم مملون ويتصفون بالبطء في الفهم ، هذه ما كتبه ميكافيلي في عام 1520 وهذا يشير إلى أن الاهتمام بعملية الاختيار والتعيين عمليه مهمة في كل العصور. كما أشار أيضا في الكتاب إلى انه عند بناء الجيوش ، إذا كان بناء الجيش جديد لأول مرة فيجب أن تكون أعمار الناس في الجيش ما بين السابعة عشر والأربعين عاما، حتى تكون هناك الكفاءات والخبرات وفي نفس الوقت الطاقات الشبابية القادرة على القتال. أما إذا كان الجيش موجود ومطلوب تطويره ، فهذا يتطلب التركيز بشكل كبير على أصحاب السن الأقل نظرا لوجود النضوج والخبرة. وهذا إشارة إلى أهمية الاختيار والتعيين والتركيز على الكفاءات التي تحقق قيمة مضافة للمنظمة.
يمكن الحصول على المقالة من هنا منظومة الاختيار والتعيين