“هل انتهى عصر التخطيط الاستراتيجي وبدأ عصر الأزمات؟”

“هل انتهى عصر التخطيط الاستراتيجي وبدأ عصر إدارة  الأزمات؟”

دكتور

عبدالرحيم محمد

استشاري التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي

أستاذ الإدارة العامة المساعد – كلية المجتمع

drabdo68@yahoo.com

 

عندما انتهت أزمة الصواريخ السوفيتية على الأراضي الكوبية قال وزير الدفاع الاميركي في ذلك الوقت “لقد انتهى عصر الاستراتيجية و بدأ عصر جديد يمكن ان نطلق عليه عصر إدارة الأزمات”.

ان مشكلة الكثير من المنظمات وخاصة المنظمات العامة تركز بشكل كبير على وضع خططها الاستراتيجية ولكنها لاتهتم كثيرا بإدارة الأزمات التي هى الأساس في نجاح تطبيق استراتيجيتها.   تعيش المؤسسات  في عالم متغير كل يوم ،هذا التغير جعل من الصعوبة تحقيق هذه الخطط وبالتالي تحتاج المنظمات إلى ان يكون جزاء من استراتيجيتها قائم على فكر الازمة، بعبارة اخرى ان تكون هناك سيناريوهات بديلة وجاهزة، غالبا ما نسمع عن الخطط البديلة في وجود متغيرات تعرقل تنفيذ الأهداف المخططة، ولكن هذه الخطط تصلح فقط في حالة المشكلات وليست الأزمات، والدليل على ذلك في ظل الأزمة الحالية “كورونا فيروس” تبين أن الدول ذات المؤسسات العريقة والسمعة الجيدة انهارات بشكل كبير أما هذه الأزمة.

السؤال هنا هل العالم اليوم يتعامل مع أزمة كورونا بأسلوب التخطيط الاستراتيجي أم أسلوب إدارة الأزمات؟ هل الخطط الاستراتيجية تنفذ حاليا كما هى أم تم تجميدها حتى تمر هذه الازمة؟ الحقيقة أن وقت الأزمات يختفي كل شيء وتظهر إدارة الأزمات، وبقدر ما لدى المؤسسات من رأس مال فكري ومهارة قيادية بقدر ما كان النجاح في إدارة الأزمة، لأن  رأس المال الفكري والقيادة هما من يحققون القيمة المضافة حتى في ضوء الامكانيات المتاحة.

المشكلة كما أظهرتها الازمة انها ليست مشكلات مادية في المقام الأول بدليل ان الاقتصاديات الكبيرة فشلت في إدارة الازمة وتبين انها صورتها التي رسمتها لنفسها عبر سنوات طويلة  غير الحقيقية، تبين أن هناك أنظمة صحية هشة في دولا كنا نظنها عملاقة، تبين أن هناك منظمات في هذه الدول ترى انها متقدمة في الادارة ولكن الحقيقة غير ذلك،  السبب الحقيقي وراء الفشل في إدارة هذه الازمة هى غياب فكر إدارة الازمة وعدم الاهتمام برأس المال الفكري وضعف منظومات البحث والتطوير في شتى المجالات، وعدم وجود رؤية واضحة تستشرف المستقبل، وهذا راجع إلى ان الخطط الاستراتيجية تعتمد على تحديد أهداف وتوفير إمكانيات لتطبيقها.

على المؤسسات ان تهتم بالجانب البشري فدور إدارة  الموارد البشرية في المنظمات لم يعد قاصرا على  توفير عنصر بشري لشغل وظائف شاغرة ولكن توفير عنصر بشري يتميز بالجودة والكفاءة لأن المؤسسة مهما وضعت من أهداف إذا لم تكن  لديها إدارة أزمات فإنها سوف تغير من خططها الحالية وتبحث ع عن خطط طوارىء تعمل بها وتقوم بتجميد استراتيجيتها الحالية.

يجب أن تتبنى المؤسسات فكرة مراكز التفكير الإستراتيجى، هذه المراكز تقوم بها المؤسسات بالتعاون مع الحكومات فهي تساعد بشكل كبير، في التعامل مع الأزمة وأبعادها وتداعياتها، والنظر إليها بمنظور اوسع ورؤية شاملة، يقول ألفرد مارشال احد مؤسسي علم الاقتصاد الحديث “يجب عدم الاقتصار على رؤية الاشجار منفردة، بل يجب رؤية الغابة ككل”، من هنا يجب ألا تكون نظرتنا للأزمة  مجرد سحابة صيف عابرة ولكن مراجعة وحساب وتحديد الدروس المستفادة  واعادة النظر في النظم الادارية وأساليب وطرق التدريب  وتحديد الكفاءات التي تحتل المواقع القيادية

نشر بتاريخ  1 أبريل 2020 .

 أنتهى عصر التخطيط الاستراتيجي وبدأ عصر الأزمات المقالة هنا

Author: د. عبدالرحيم محمد عبدالرحيم

دكتور عبدالرحيم محمد عبدالرحيم استشاري التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي والتدريب عضو هيئة تدريس (منتدب) – كلية المجتمع – دولة قطر drabdo68@yahoo.com www.dr-ama.com

Share This Post On