حوار حول القيادة بين مشكلات الواقع وتحديات المستقبل – الجزء الأول
دكتور
عبدالرحيم محمد
استشاري التخطيط الإستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي
في ظل التطور الكبير الذي نشهده على الساحات العربية والإقليمية والدولية، أصبحت التحديات التي تواجهنا أمر حتميا، وتزداد التحديات في الأزمات المختلفة والتي تتطلب أن تكون هناك قيادات قادرة على إدارة الأمور والتعامل معها بطريقة تحقق درجة عالية من الفعالية، من هنا، تزداد الحاجة إلي أن تكون هناك قيادات مؤهلة ومدربة للنهوض بالمؤسسات وتطويرها، وكلما كانت القيادة متميزة كلما انعكس ذلك علي قدرة المنظمة في تحقيق أهدافها .
لماذا الحديث عن هذا الموضوع ؟
هل هناك فرق بين القيادة والإدارة؟
يخلط الكثير منا بين الإدارة والقيادة ورغم أهمية كل منهما وتشابههما إلى حد كبير إلا أن هناك فرقا جوهريا بينهما، فالقيادة تركز على العلاقات الإنسانية وتهتم بالمستقبل، فهي تهتم بالرؤية والتوجهات والإستراتيجية وتمارس أسلوب القدوة والتدريب وقضاء الأوقات الطويلة مع المرؤوسين والاهتمام بهم كبشر، بينما تركز الإدارة على الإنجاز والأداء في الوقت الحاضر فهي تهتم بالمعايير وحل المشكلات والاهتمام باللوائح والنظم، فالقائد هو الشخص الذي يؤثر ويتأثر بالآخرين و الذي يستمد نجاحاته من حب الآخرين له، علي الجانب الآخر المدير هو الذي يستمد نجاحاته من موقعه الرسمي داخل الهيكل التنظيمي في المكان الذى يعمل به. وعلماء الإدارة من خلال كتاباتهم في القيادة حددا فروقا كثيرة بين القائد والمدير . فنجد “بودوان” احد الذين درسوا القيادة ، يقول عنها لا تنتظروا من جماعة بدون قائد أي عمل جماعي حتى لو تمتعت بإمكانات جيدة ورغبة طيبة لتحقيق مثل أعلى. إن إمكانات أفراد الجماعة لا تستطيع سوى حرث الأرض، أما الحصول على الزرع فبحاجة إلى بذور، والبذور هم القيادات ذوي القلوب الطيبة والإرادة الفولاذية، أيضا بيتر دراكر الأب الروحي لإدارة الأعمال يري ضرورة أن يكون هناك قادة في المؤسسات وان القيادة يمكن تعلمها ويجب تعلمها.
ما هو دور القيادات في إحداث التغيير؟
يجب أن نعلم أن كل شيء في الدنيا يتغير ولا شيء ثابت إلا التغير نفسه، يواجه العالم الآن بموجات شرسة من التغيير ، و الذين لا يستطيعون التفاعل مع التغيير لن يستمروا، وهنا يأتي دور القيادة في التغيير ، فهناك نوع من القادة يطلق عليهم قادة التغيير ، وهم المبادرون بالتغيير ، هؤلاء هم أصحاب المؤسسات الناجحة ، هم الذين يفرضون التغيير ، والباقون يتبعون خطاهم، فلو نظرنا للمؤسسات الناجحة عالميا نجدها مؤسسات تتميز بتقديم الجديد والحديث وتتغير بشكل مستمر في أدائها وتنوع منتجاتها ولذلك تسيطر علي السوق بشكل كبير، ويرجع ذلك إلي أن علي رأس هذه المؤسسات قادة لديهم الفكر الخلاق والإبداع، فهم دائما مبتكرون مجددون قادرون علي الاستمرار في الوصول إلي أهدافهم. علي سبيل المثال بيل جيتس صاحب شركة مايكروسوفت أحد المبادئ التي يركز عليها في توجيه أعماله هي التغيير المستمر الذي يحقق الإبداع والابتكار، كذلك جاك ولش المدير السابق لشركة جنرال إلكتريك والحاصل علي لقب مدير القرن العشرين، والذي حقق نقلة نوعية في تاريخ الشركة كان يركز علي التخطيط الإستراتيجي والتغيير المستمر الذي يساعد الشركة علي المنافسة والاستمرار في السوق. وبالتالي الرؤية والقدرة علي قيادة التغيير من أهم ما يحتاجه القائد لتحقيق أهدافه.
نستكمل الحوار في الحلقة الثانية غدا إن شاء الله