السياسات العامة والقيم المجتمعية والمؤسسية
دكتور
عبدالرحيم محمد
اشتشاري التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي
أستاذ الادارة العامة المشارك كلية المجتمع
ترتبط السياسات العامة ارتباطا وثيقا بجميع المجالات في الحياة سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية أو غيرها، وهى تنطلق من مشكلات عامة تواجه المجتمع وبالتالي تتدخل الدولة لوضع السياسيات العامة لحلها. ويعرف توماس داي السياسة العامة بأنها قيام الحكومة بعمل وتنفيذ شيء ما أو الامتناع عنه. فقيام الحكومة بحل مشكلة معينة يعتبر سياسة عامة وكذلك عدم حلها يعتبر سياسة عامة. كما يعرفها البعض بانها النشاطات و التوجيهات الناتجة عن العمليات التي تتم في الجهاز الحكومي وذلك لتحقيق المطالب المتعلقة بالنظام الإجتماعي والسياسي.
كما يعرفها هارولد لاسويل بانها من يحصل على ماذا ومتى وكيف؟ وفي هذا التعريف إشارة إلى دور الدولة في إدارة الجانب الاقتصادي من خلال رسم السيايات العامة التي تحدد الأولويات التي يجب التركيز عليها. وبالتالي يمكن القول بان السياسات العامة هى الخطوط العريضة أو التوجهات التي تضعها الدولة لرسم ما تريده خلال الفترة القادمة بما يحقق المصلحة العامة.
وهناك علاقة وثيقة بين الإدارة العامة والسياسات العامة، فمخرجات السياسة العامة هى مدخلات للإدارة العامة ، ومخرجات الإدارة العامة هى مدخلات للسياسات العامة . وبالتالي يتضح الترابط الوثيق بين المجتمع والمؤسسات التي تنفذ سياسات الدولة والمؤسسات المسئولة عن رسم السياسات العامة للدولة.
وتمر عملية صنع السياسات العامة بعدة مراحل، المرحلة الأولى هى صياغة المشكلة، والمرحلة الثانية الأجندة السياسية أو جدولة مهام السياسة العامة، والمرحلة الثالثة بلورة و صياغة السياسة العامة ، والمرحلة الرابعة تبني و إقرار السياسات العامة والمرحلة الخامسة تنفيذ السياسات العامة، والمرحلة السادسة تقويم السياسات العامة.
اما الفاعلون في صنع السياسات العامة هم المشرعون والمنفذون والإجهزة الإدارية والسلطة القضائية ، كما يعتبر من الفاعلون في صنع السياسات ايضا الأحزاب السياسية وجماعات الضغط ووسائل الإعلام والمواطنون.
مما سبق يتضح أنه لضمان النجاح في رسم السياسات العامة وتنفيذها بما يحقق مصالح المجتمع ان يتحلي الجميع ب القيم سواء الفاعلون في صنع السياسات العامة او من يرسمون السياسات العامة او المنفذين، فبدون وجود قيم لدى هؤلاء يكون من الصعب تحديد المشاكل التي تحتاج إلى سياسات عامة بشكل صحيح، وكذلك رسم السياسة بشكل صحيح، وكذلك التنفيذ لن يتم بشكل صحيح، لأنه إذاكانت البداية خاطئة فستكون النهايه كذلك خاطئة. وبالتالي من المشاكل التي تواجه صنع السياسات العامة هى القيم سواء القيم المطلوب أن تكون لدى الناس أو القيم المؤسسية التي يجب أن تتوافر في العاملين في الجهاز الحكومي لتنفيذ السياسات العامة.
كما يعتبر من ضمن القيم عند وضع سياسات عامة طويلة الأجل لمعالجة مشكلات معينة، هى مراعاة أن تكون هناك سياسات عامة قصيرة الأجل للتقليل من آثار القضية أو المشكلة او الاصلاح سواء كان إصلاح اداري او اصلاح اقتصادي. هذا يجب مراعاته من صانعي السياسات العامة ومنفذيها. لأن السياسات العامة طويلة الأجل تحتاج إلى سنوات حتى تظهر نتائجها في بعض الأحيان، وبالتالي من يقدم لهم الحل هم من الجمهور العادي غير المتخصص الذي لا يعرف أن هذا هو للصالح العام، ولكنه يحتاج إلى سياسات قصيرة الأجل تخفف من آثار المشكلة او القضية التي يتم معالجتها، وهذا يعزز القيم الايجابية لديه ويجعله داعما لمنفذي السياسات العامة.
المقالة من هنا السياسات العامة والقيم المؤسسية.docx