الاقتصاد الأبيض White Economy

 

الاقتصاد الأبيض White Economy  

دكتور

عبدالرحيم محمد

مستشار التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي

أستاذ الإدارة العامة المساعد (منتدب) كلية المجتمع

drabdo68@yahoo.com

 

تعود فكرة ظهور  الاقتصاد الأبيض  إلى البروفيسور دوجلاس ماكويليامز McWilliams  عندما اصدر كتابه  في لندن عام 2015 بعنوان ”   الاقتصاد الأبيض المسطح” ،  تناول فيه الاقتصاد الرقمي  وأهميته  ودوره في المستقبل  وتأثيره على مختلف الاقتصادات الأخرى.  يشمل هذا المصطلح  جميع القطاعات التي تنطوي على إنتاج وبحث وتسويق وتوزيع السلع والخدمات. وبصفة عامة الاقتصاد الأبيض هو اقتصاد البرمجيات وهو الاقتصاد الذي يهتم بتكنولوجيا المعلومات وتوظيفها في مختلف المجالات ،  ويغطى الاقتصاد الأبيض  تخصصات الكمبيوتر والابداع والفنون والترفيه والبحث العلمي  والتطوير بالإضافة إلى الإعلان وأبحاث التسوق والاتصالات والصحة . ومن اوائل الدول التي اهتمت بالاقتصاد الأبيض هى الولايات المتحدة  حيث بدأت في الستينات بإنشاء  وادي السيليكون من خلال جامعة ستانفورد  – الذي يقع  حول الشواطئ الجنوبية لخليج سان فرانسيسكو  بكاليفورنيا ، وجاء تسمية وادى السيلكون بهذا الاسم  من   مادة السيليكون  وهو  المادة الأساسية لأشباه الموصلات المستخدمة في دوائر الكمبيوتر- وبمرور الوقت تحول التركيز الاقتصادي في وادي السيليكون من تصنيع الكمبيوتر إلى البحث والتطوير وتسويق منتجات وبرامج الكمبيوتر. كما اهتمت الهند بإنشاء  وادى السليكون في مدينة (بنجالور)  والتي تعد  واحدة من أهم المدن التجارية في العالم، وتعد الموطن الأول في الهند لمختلف المشاريع بداية من مشاريع القطاع العام وشركات البرمجيات والصناعات الثقيلة والاتصالات السلكية واللاسلكية والطيران والمعدات الثقيلة والآلات، ومنظومات الدفاع. وساهم هذ في وضع الهند على خريطة التكنلوجيا في العالم.

وتشير الدراسات  التي عرضها المؤشر الاقتصادي Gross Value Added (GVA)  .  مدى تطور هذا الاقتصاد  بشكل كبير في السنوات الأخيرة . ففي المملكة المتحدة  كانت نسبة مساهمته في إجمالي الناتج المحلي   8.7% في عام 2013 ثم 13.3 في عام 2016، كما ساهم  الاقتصاد الأبيض  بنسبة 14.4 في  إجمالي القيمة المضافة  في المملكة المتحدة في عام 2018 مما جعله أكثر أهمية من القطاعات التقليدية مثل التصنيع التعدين والمرافق، واهم أجزاء الاقتصاد البيض هو التسويق الرقمي الذي ساهم بشكل كبير  في الحصة السوقية للمملكة المتحدة . كما ساهم الاقتصاد الأبيض في تحقيق نموا قويا في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في ايطاليا بنسبة 10.7%  كما يوفر فرص عمل لأكثر من 2.4 مليون فرد سنويا  أي ما يعادل 10% من القوى العاملة في إيطاليا.

يلعب الاقتصاد الأبيض دورا كبيرا في تطوير القطاعات الأخرى مثل القطاع الصناعي والقطاع الزراعي والقطاع الخدمي، من خلال ما يقدمه من برمجيات لتطوير نظم العمل وتحقيق النجاحات لهذه القطاعات .   ولتطوير وتعزيز الاقتصاد الأبيض يحتاج الأمر إلى الاهتمام برأس المال الفكري  والتركيز على اقتصاد المعرفة من خلال البحث عن  المواهب والعمل على تنميتها والمحافظة عليها.

ويعتبر الاقتصاد الأبيض هو الأهم للراغبين في المشروعات الناشئة والصغيرة وخاصة أن العالم خلال العشرين سنة القادمة وما بعدها سوف يتحول إلى هذا الاتجاه وسوف يتراجع دور  الاقتصاديات التقليدية بل أن الاقتصاد الأبيض  سوف يكون المحور لتطوير الاقتصادات الأخرى، فهو المحرك للميزة التنافسية وقدرة  الدولة على المنافسة والسيطرة على حصة سوقية مناسبة ، وسيكون للدول التي تمتلك هذا النوع من الاقتصاد والمهتمة براس  المال الفكري وتطوير التعليم وتعظيم  وزيادة الانفاق على البحث العلمي مكانة كبيرة على الساحة الدولية.

وفي مصر ظهر الاهتمام بالاقتصاد الأبيض  في انشاء القرية الذكية وإن كان المسمى مختلف ولكن الأمر يحتاج إلى مزيد من التطوير وزيادة الانفاق على هذا القطاع وخاصة في مجال صناعة  البرمجيات  والذكاء الاصطناعي والاهتمام بإنشاء الكليات المتخصصة في التكنولوجيا والاهتمام برأس المال الفكري والاستفادة من الطاقات البشرية الهائلة ،  وللاهتمام  بالاقتصاد الأبيض يجب التركيز بشكل أساسي على التعليم والتدريب فهما أهم مؤشرات النهوض بهذا الاتجاه لأن التعليم والتدريب يركزان على الاستثمار في العنصر البشري واقتصاد المعرفة، وهما السبب الأساسي الذي جعل  اليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية  وأمريكا وبريطانيا وكندا والنرويج تتصدر سنويا  مؤشر التنمية البشرية و مؤشر  رأس المال  الفكري.

المقالة من هنا:

الاقتصاد الأبيض White Economy

Author: د. عبدالرحيم محمد عبدالرحيم

دكتور عبدالرحيم محمد عبدالرحيم استشاري التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي والتدريب عضو هيئة تدريس (منتدب) – كلية المجتمع – دولة قطر drabdo68@yahoo.com www.dr-ama.com

Share This Post On